أقام النادي الأدبي بالباحة مساء أمس الأول أمسية قصصية للروائي أحمد الدويحي عن "فضاءات السرد" استمرت قرابة الساعتين بين قراءة ورقته وبين المداخلات من قاعة الأمير محمد بن سعود للمحاضرات وقاعة الخنساء للسيدات حيث اعتبر الدويحي أن فضاء السرد بعد جوهري من أبعاد الوجود الإنساني.. مشيرا إلى أن السرد يخترق الواقع بتشكله الجغرافي وبمقوماته الثقافية والسياسية والمجتمعية ويشكل بعدا موازيا لعالم تنتظم فيه الكائنات والأشياء والأفعال التي بدورها تشكل معيارا لقياس الوعي والعلاقة الإنسانية ليصبح الفضاء مكونا أساسيا في سرد الخطابات المتجاورة والمتعددة. ومضى المحاضر في هذا السياق مستشهدا بعدد من أقوال لنقاد وتعريفات لروائيين معروفين على الساحة العربية والعالمية حول الفضاءات التي يمكن للروائي والقاص أن يتحرك من خلالهما لتجسيد المشهد الذي تدور فيه الأحداث والشخوص، والتي ذكر منها بأن السرد يعتبر أكثر أنواع الفنون الأدبية امتاعاً وجذباً للمتلقى واعتبر السرد بوصفه سؤالا لإشكاليات للكاتب يلتصق بالوعي الثقافي والجمالي وبالنسيج السيكلوجي والمعرفي والأيديولوجي، معتبرا أنه يعني الإخبار من صميم الواقع أو من نسيج الخيال أو من كليهما معا في إطار زمني ومكاني يتسم بالحبكة الفنية المتقنة ويغلب عليه الزمن الماضي وكثرة الروابط الظرفية والأسلوب الخبري وقيل أن السرد هو من أكثر أنواع الفنون الأدبية إمتاعا وجذبا للمتلقي لما فيه من تشويقا له. واستعرض الدويحي بعض الروايات التي أثرت في خياله عندما كان الطفل الذي تاهت به الخطى بين تشكل الأسئلة حول القرية التي رأى فيها أن الراديو مثلا يشكل نافذتها التي يطل منها على العالم الخارجي المدينة التي اعتبرها كالنساء، موضحا بأن ذلك في وجدانه لم يشكل فضاء حيث اختلطت فيه المفاهيم عنده بين المسميات كالشارع والبيت بالنسبة لحضور المرأة واستشهد بولوجه عالم القراءة من خلال مكتبة خاله الذي جعل منه جزءاً من مكتبته العامرة التي احتوته عن الخروج إلى الشارع في النهار وقراءاته للروايات لإحسان عبد القدوس ومحمد امين ويوسف غراب وجرجي زيدان ولطفي المنفلوطي ويوسف السباعي.. من خلال القصة القصيرة، التيو وصفها الدويحي بأنها ذلك الجنس الأدبي المثير الممتع المراوغ الميال إلى التكثيف الوامض في لغته وزمانه وشخوصه وتعدد فضاءات القصة في نصوص تلك الحقبة تنوعت في انتمائها إلى المدارس والمذاهب السردية المتنوعة تراوحت الغالبية منها بين الواقعية والرمزية وشكلت لغة القصة القصيرة الدلالات المتنوعة التي عكست واقعها الزمني والمكاني مقتربة من اللغة الشعرية الظاهرة في بعض النصوص الكتابية.. معتبرا عبدالعزيز المشري أول من وطن البطل الروائي المحلي وجعل له فضاء وبيئة يتحرك فيها من خلال القرية وذاكرة الطفولة الصافية فيها باعتبارها مهد ولادة الحكايات وذاكرة المكان بالرغم من تغير الوجوه والحالات وتبدل الأحداث وتلون الطقوس وخاصة القرية الجنوبية التي حضرت بكثافة في النصوص السردية الأولى للدويحي من خلال ثرائها بما تكتنزه القرية من إيحاءات من خلال الحقول والجبال وأسواق ودلالات رمزية مستوحاة من تراثها المتنوع عندما أصدر روايته الأولى "ريحان" ثم روايته الثانية "أواني الورد" والتي اعتبرها الدويحي فضاءً مستقلاً بعيداً عن فضاءات سابقتها. أعقب ذلك العديد من مداخلات الحضور وأسئلتهم التي تراوحت بين روايات الدويحي وبين حول بعض الروايات وبعض الروائيين من أبناء المنطقة وخارجها.. حيث قدم رئيس النادي حسن الزهراني درعاً ومجموعة من إصدارات النادي تكريما للمحاضر، كما قام النادي بتوزيع عددا من إصدارات الدويحي على حضور الأمسية التي أدارها عضو النادي الشاعر عبد الرحمن سابي.