هل فشل برنامج الملك عبدالله للحوار الوطني؟ هل عجزت اللحمة الوطنية والوجود والهَم المُشترك عن توحيد كلمة وصف السعوديين؟ هل مازال هُناك من يُزايد على وطنية المُخالف في المذهب والتوجهات الفكرية؟ هل انقسم الوطن فعلاً إلى فريقين يكيلان لبعضهما الاتهامات والشتائم، ويتصيدان الأخطاء ويضخمانها؟ كل هذه الأسئلة لا أريد حتى الآن أن أجيب عنها بنعم، لأنه مؤسف جداً أن يكون منها ما قد أصبح سمةً للمشهد المحلي الحالي في وقت تحتاج فيه البلاد إلى الوحدة والتضامن بين الوطن كاستحقاق للجميع من جهة، وبين المواطنين كشركاء فيه وصُناع لمستقبله من جهة أخرى، بعيداً عن الخوض في سؤال من نوع من المستفيد من هذا؟ ومَن يقف وراء تشتيت أطياف المجتمع؟ لأنني لا أومن بنظرية المؤامرة وأعتقد أن المشكلة نابعة من الذات السعودية وعائدةٌ إليها . ولكن هل سيظل رموز الفريقين يؤججون الفتنة ويلهبون الجماهير باتهاماتٍ عمياء وعمومية جاهلة مُجهّلة؟ في ظل غياب لأي قانون يردع هؤلاء عن المزيد من الإساءة لأبناء الوطن والمزايدة على وطنيتهم واتهامهم بولاءات خارجية؟ مثل هذه الاتهامات يجب أن تتوقف وأن يؤخذ على يد متبنيها من الطرفين، يجب أن يعلم الجميع أن مسألة اتهام أشخاص بناء على توجهاتهم الفكرية ومذهبهم أو مناطقهم هي خيانة كُبرى للوطن وشق للصف السعودي وخطرٌ على الوطن وأهله أكثر من أي خطر خارجي صريح وواضح، يجب أن يضع الملك حداً لهؤلاء السفهاء الذين يتهمون بدون وجه حق ويُصادرون حق الآخرين في أصواتهم وأفكارهم وتوجهاتهم طالما أنها في صالح الوطن وإنسان هذا الوطن وأن لا تستمر مصادرة حقهم في حرية التعبير ووطنيتهم التي لا يُشكك فيها إلا خائن . أن يظهر علينا متطرف يحط من قيمة إنسان مثقف ومفكر ويصفه بأنه لا يستحق بصقةٍ في وجهه أولا يُساوي جناح بعوضة لأنه من وجهة نظره قال رأيه في شأن ديني فهذا تحريضٌ مباشر على نزع قدسية هذا المواطن ودمه وماله وعرضه، وبالتالي نزع أمنه بالكامل، فلا نستغرب بعدها أن يتحمس أحد مريديه من المراهقين والجهلاء – وأغلب مريديه من العامة والبسطاء- ويُفجّر نفسه في كاتب أو مثقف لأنه في النهاية لا يُساوي حسب شيخه بعوضة ونحن نقتل البعوض بدم بارد. على هؤلاء المحرضين على الفتنة وقتل الناس وإرهابهم ونزع إنسانيتهم (لأنهم مختلفون) أن يؤخذ على يدهم بقانون واضح يضع حداً لهذه المُهاترات واللعب بأعراض المواطنين ووطنيتهم وأحقيتهم في التعبير والتفكير تحت مظلة وطن واحد لا يشعرون فيه بأي تهديد لحياتهم ولا أي إهانة لكرامتهم لمجرد انتمائهم لفئة معينة، مادامت فئة تحظى بثقة الدولة وقياداتها وثقة وزاراتها ولديهم أعمالهم ومركزهم الاجتماعي وأهاليهم وطموحهم الوطني المُخلص . يجب أن يصدر الملك قرارا بإيقاف هؤلاء العابثين باسم الدين بروح الوطن ووحدته، بعدم السماح لهم بتبني أفكار عمومية واتهامات ضبابية، وعليهم إما أن يثبتوا صحة اتهاماتهم وإما أن يدفعوا ثمن هذا الهرج والمرج الفارغ المحرض الخائن لمصالح شخصية وفقاعات الشهرة والتلاعب بالجماهير الساذجة، هؤلاء هم من يستحق عقوبة المنع من السفر ومن الظهور من قنوات وطنية لانهم حَرج وضرر خبيث على الوطن، يزرعون السم والحقد في نفوس الناس ويؤججون الفتنة كلما خمدت.