ليس شرطاً أن تشترك أذواقنا، ولكن ومن باب المجاملة قد تحمل نفسك على القيام بشيءٍ لا تحبه تقديراً لشخصٍ أو جماعة! ولأن اليوم «عيدُ المسلمين» وتلتقي فيه الأسر على موائد الطعام، فلا بأس من ذكر هذا الموقف حين اصطحبني أحد الأصدقاء لتناول الغداء في مطعم شرق آسيوي، وقلت له إن نفسي تميل نحو «المثلوثة» أو «المندي» فتجاهل ندائي قائلاً بحزم: أنت «معزوم» وليس لك «خيار»! وطوال الطريق كان «الشيطان» يعيد لذاكرتي جرعات مما أسمعه عن بعض الأطعمة الشرق آسيوية العجيبة! دلفنا باب المطعم الفخم وأخذت أتفرَّس قائمة الأكل دون هُدى! فأدرك صديقي حيرتي ومضى يختار – كوكيل عني دون شاهد-! أخبرني أنهم ليسوا مثلنا يقدمون الطعام دفعة واحدة، بل يبدأون بال «شوربة» والسَّلَطَات! «شكَّلتُ الكلمة منعاً لأي سوء فهم»! قلنا خيراً! وضع «الجرسون» أمامي طبق شوربة غريبة الشكل، فاستعنت بخبرة صديقي الذي أفادني بأنها «شوربة ثمار البحر»! قرَّبت الملعقة لأرتشف «مرقة البحر» تلك، فحدث ما كنت أخشاه من «لوعة الكبد»! ضحك وقال: لا تغرك الرائحة فالطعم لذيذ! غصبت نفسي وأخذت رشفة ليتها ما كانت! معتذراً بأنني متنازل عن «الشوربة» بانتظار الطبق الرئيس! فأخذ الأمر بأريحية وكأنه يردد «ما عرَّفك يا رباح بأكل التفاح»! ولأنه ما شاء الله عليه «أكِّيل» فقد شفط «مرقته» كاملة ثم تناول «الصينية» من أمامي وألحقها بأختها هنيئاً مرئياً! على العموم يجب أن يعرف الإنسان اهتمامات رفيقه قبل مصاحبته. وفي هذا الباب، أن رجلاً مهذاراً رافقه رجل يحب الصمت؛ لدرجة أنه يجيب عن أسئلة صاحبه المهذار بلغة الإشارة! وحين يئس المهذار من دفع صاحبه للحديث ولطول المسافة المتبقية على الوصول فقد توقف في إحدى المحطات وقال لصاحبه «الكتوم»: اشتر لنا بريالين «علكاً» فقد «حمضت أفواهنا» يا صديقي!