تفرض المسألة الأخلاقية والثقافية نفسها في بيئة وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، فهي حاضنة لكل ما هو جديد، وابتعاد أصحاب الرأي والفكر والمؤثرين الفعليين عن ساحتها أو عدم اعترافهم بها سيوسع الهوة بين الجيل الجديد والجيل القديم بما يحمل من مبادئ وقيم. كل شيء بالنسبة للجيل الجديد بات يظهر على حقيقته، والصورة النمطية التي تحوطها هالة القداسة وهي معلقة في برجها العاجي لم تعد كذلك، كل شيء بات يكتسب قيمته من الحقيقة التي يحملها وليس من الصورة النمطية التي فرضها تكرار الصورة ووحدتها. إذا كان الكاتب كاتباً مرموقاً في يوم من الأيام لأن صحيفة ما قد أفردت له عموداً، فالكل اليوم يكتب ويمتلك المساحة الكافية للتعبير والانتشار، وإذا كان الممثل ممثلاً مشهوراً لأنه صعد على خشبات المسرح واستفرد بعدسات السينما، ففي أقل وسيلة تواصل عدسة صغيرة، تمثل وتتحدث وتنشر. فلم يعد الشاب ذلك الإنسان القلق من العدسة أو التصوير أو النشر. وبات الفرز شديداً والانتقاد لاذعاً لكل شيء ولكل هفوة تصدر من هذا أو ذاك.تهذيب كل ذلك لا يمكن أن يكون بالمنع، فقد بات المنع ممنوعاً، طالب الثانوية يسخر من ضحالة المعلومات التي يوفرها منهج الحاسب الآلي، فلديه مزيد، ويهزأ من القانون الذي يمنعه من اصطحاب الجوال، فلديه ألف وسيلة ووسيلة لإخفائه، إنه ينتظر من يساير فيه هذا الاندفاع نحو هذا الفضاء لا من يقف أمامه، وجود المنع وغياب الأنظمة الأخلاقية والاجتماعية بالشكل المقبول في المؤسسات التربوية لكل ما هو جديد هو ما يجعل من الانفلات أمراً حتمياً. التربية كلمة مفقودة الفاعلية في المؤسسات التي تندرج تحت مسمى (التربية والتعليم)، التربية لا تعني في عصرنا الراهن تزويد المتعلم بتعاريف الكلمات الأخلاقية والدينية بقدر ما هو تقنين ووضع الأنظمة الأخلاقية لكل ما هو جديد وبما يتوافق مع قناعته العقلية والفطرية، بالتعليم والتثقيف وبشتى الوسائل الجاذبة.