لماذا قلتُ في مقال سابق إن كثيراً من الشهادات العلمية، هي «وهمية» وأخطر من الوهمية؟! ليس في «التربية» تحديداً فقط، وحتى لا يطير أحدهم بالفرحة، ويسعى لاستخدام المقال سلاحاً يُوجِّهه حسب هدفه هو فقط، جازماً أنِّي أعني قِسماً بذاته أو جامعةً بعينها، لتصفية حسابات بينه وبين أعدائه في الأقسام العلمية، فأودُّ التأكيد على أنَّ المقال لا يقصد تحديد جامعة، فما يرمي إليه المقال يمكن أن يُستشفَّ حتى من مقال نُشِر لي قبل أكثر من 80 يوماً من نشر مقال الأسبوع الماضي هنا في «الشرق» وقد كان بعنوان: «بين الفأر المصري والليبي: مشروع بحث»! يؤكِّدُ كلا المقالين على وهميَّة «الرسائل العلمية» تلك، أكثرها، لا من ناحية قانونية بل من ناحية علمية، ومقدار صدق مواضيعها وارتباط نتائجها بمشكلة البحث، ففي ظاهر كثيرٍ من عناوينها، يظهر مقصد الباحث، المتمثل في الخلاص، والظفر بشهادة علمية تُحسَب وظيفياً، دون أدنى أخلاقيات البحث العلمي، التي يدرسها الباحث من أول فصل في السنة المنهجية لدرجة الماجستير، ومنها: البحث عن حل لمشكلة حقيقية قائمة، وأن يكون لدى الباحث قلق معرفي، لا كما يُشاهد ويُستشعَر عند كثير من الطلبة في زماننا هذا! أن يتصوَّر الطالب في بعض أقسام التربية أو حتى قسم الحاسب الآلي، أنَّ أقرب طريق إليه هو البحث عن مضامين تربوية في أي كتاب، بمجهود سهل تدعمه التقنية، أو «قياس أثر استخدام الحاسب الآلي لتدريس مادة الفيزياء لطلاب المتوسطة في حريملاء» والسنة الأخرى تُستبدَل ب «الهفوف» والرفع بموضوعه للقسم، فبذلك يُبتذَل البحث العلمي الذي تقوم به دول وتقوى وتتقدَّم! أين الطلاب من مشكلات التعليم الحقيقية؟ أشكر كل عضو هيئة تدريس تواصل معي بعد المقال الأول، وأظهر قلقه من ممارسات بعض الطلاب، ومحاولاتهم ابتذال البحث العلمي. بمثل هذا الاتجاه الصحيح يستقيم الطرح. لم أقل شيئاً بعد! في الجزء الثالث: أعضاءُ هيئة تدريس قدماء يعاملون طلاب الدراسات العليا كطلَّاب الابتدائي، وبالأدلة على ذلك!