أسماء الفزارية المرأة الأعرابية التي عرفها التاريخ في وصاياها الحكيمة لابنتها يوم الزفاف، لم ترَ في تقمُّص المرأة دور الجارية المطيعة ضعفاً ومذلة لها، بل طريقاً مختصراً لاستجلاب الزوج واستدراجه لأسر المرأة، فهي من قالت لابنتها «كوني له أمة يكن لك عبداً»، مدركة أن الطاعة والتقدير لذلك الزوج الذي يشقى لراحتها لن يضيع هباء منثوراً، فهو بالتأكيد سينزع لمبادلتها الاهتمام والرعاية، وسيفيض عليها وفاءً ومحبة.. كان ذاك الحين للرجال دور مختلف عما يدور الآن، ومآرب في النساء ترتدي في الأغلب ثوب الشراكة الضمنية والمحبة، ما يدور بين الأزواج في هذا الزمن من أحداث درامية لا يجوز مقارنته بمجريات تلك العصور السابقة، فالرجال أزهقت أدوارهم في منظومة الأسرة العصرية، والنساء أقحمن تدريجياً في مهام لم تكن يوماً من شأنهن، لم تعد ترى المرأة في شخصية الرجل فارسها الشجاع، وتناست دورها الأنثوي حين أجبرت للتخلي عنه مكرهة، «كوني له أمة» لا تتماشى مع مدركات هذا العصر.. فهو تعبير تلاشى وهجه مع ولوج السائق كل بيت، وتولي التعاملات الإلكترونية ما تبقَّى من أدوار كان يقوم بها الرجل.. «كوني له أمة» توصية فقدت صلاحيتها في زمن أصبح في مقدور الرجل أن يعكف على الإنترنت ليجد ألف أنثى تعرض خدماتها العاطفية والجسدية بكل بساطة.. «كوني له أمة يكن لك عبداً» جاءت في السابق في عصر قدَّر فيه الرجال نساءهن حق تقديرهن.. فمنهم من مات لأجل ليلاه.. ومنهم من عاش حزيناً لفقد بثيناه.. ومنهم من قاتل بكل ما يملك لعيون عبلاه.. لكن في هذا العصر الذي تغلبت فيه مصالح الرجال وأنانيتهم، وتناثرت فيه أفئدة وأجساد النساء كل صوب واتجاه، لم تعد صالحة للاستعمال كما كانت.. فهي قد تحقر المرأة إلى حد تغيب معه حقوقها.. فرجل هذا العصر الذي يرى منها الخضوع والطاعة له لن يصبح كما تظن الأعرابية طوع يديها، بل قد يصير الجلاد الذي يرى في استسلامها هدية لا تساوم ولا ترد.. لتتحول تدريجياً تلك الحرة إلى أمة رهينة في زنزانة جلادها. وبرأيي الشخصي لو كانت تلك الأعرابية حاضرة في عصرنا الحالي ترى ما تمر به عديد من النساء من جرائم تعنيف وهجر واعتداءات وخذلان، لأعادت النظر في وصيتها مطالبة كل النساء أن يكنّ شريكات فقط لأزواجهن، لا إماء ذليلات في بيوتهن.