يصف حزب الله الجيش اللبناني ب «المؤسسة الوطنية الكبيرة» ويعتبره في خطاباته «المؤسسة الضامنة لاستقرار لبنان والحامية لأبناء شعبه بكل مكوناته وفئاته». رغم ذلك، يصرّ الحزب على إقحام هذا الجيش في الأزمات بتجاوزه وباستخدام سلاحه خارج مظلة المؤسسة العسكرية وقيادتها، وهو نهج يجمع اللبنانيون على أنه قد يجرّ بلدهم الصغير إلى حرب إقليمية، وقد سبق أن تحدث الرئيس ميشال سليمان ورئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، عن ضرورة إبعاد لبنان عما يدور حولها. بالأمس، خرج حزب الله ليدين مقتل ثلاثة من جنود الجيش اللبناني في منطقة حدودية مع سوريا، وعدَّ الهجوم عليهم واغتيالهم «جريمةً إرهابية»، مؤكدا تضامنه «الكامل مع المؤسسة العسكرية». ولكن أي نوع من التضامن هذا؟ يدرك الحزب أنه بتورطه المباشر في النزاع بين قوات النظام السوري والجيش الحر وبانغماس دماء عناصره في دماء السوريين تجاوز دور الجيش اللبناني بأن أرسل مسلحين إلى دولة مجاورة لأداء مهام عسكرية. ويدرك الحزب أيضاً أن مشاعر العداء من قِبَل السوريين قد تطال كل ما هو لبناني، خصوصاً أنهم يتساءلون: لماذا لا تفعِّل الدولة اللبنانية سياسة النأي بالنفس، وتمنع حزب الله من القتال إلى جانب قوات بشار الأسد؟ الثابت أن نار حزب الله ستطال الجميع، وسيحترق بها اللبنانيون، وستشتعل على إثرها مناطق حدودية، ستدفع عناصر من جيش لبنان ثمن جريمة الحزب في القصير السورية، وبعدها سيخرج حسن نصر الله ليتحدث عن ضرورة إسناد الأسد للحفاظ على العيش الأهلي بين اللبنانيين، وفي الواقع سيظل تدخل حزبه في القتال داخل سوريا علامة فارقة في عمر هذا النزاع، ومؤشراً على أن الأسوأ لم يقع بعد.