أمير جازان يدشّن فعاليات مهرجان العسل العاشر بمحافظة العيدابي    الرياضة المجتمعية.. جزءٌ لا يتجزأ من رؤية السعودية 2030    شرطة الرياض تقبض على مقيم لمخالفته نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    سلمان بن سلطان يرعى حفل تدشين قاعة المؤتمرات الكبرى ب«غرفة المدينة»    مكالمة إيقاظ صينية عنيفة !    سوريا تبصر بعيون عربية..!    سمو محافظ حفر الباطن يدشن مؤتمر حفر الباطن الدولي الصحة الريفية في نسخته الثانية    3 أهداف تتنافس على الأجمل في الجولة ال18 من مسابقة دوري روشن للمحترفين    التقنية ونمو القطاع العقاري !    كاد «ترمب» أن يكون..!    على هوامش القول.. ومهرجان الدرعية للرواية    هيئة الترفيه.. فن صناعة الجمال    محمد عبده.. تغريدة الفن....!    أمير جازان يلتقي مشايخ وأهالي محافظة العيدابي    أمير جازان يُدشن مهرجان عسل جازان العاشر بمحافظة العيدابي    الرئيس الألماني يصل إلى الرياض    "التعاون الإسلامي" ترحب ببيان اجتماع السداسية العربية التشاوري    أمانة جدة تشرع في إشعار أصحاب المباني الآيلة للسقوط بحيي الفيصلية والربوة    أمين الطائف يعتمد الخطة الرقابية والتشغيلية الموسمية لشهر رمضان    روسيا وأوكرانيا تتبادلان الاتهامات بشأن قصف كورسك    الراجحي بطلا لثامن مرة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية السودان لدى المملكة    هيئة الأدب والنشر والترجمة تدشّن مشاركتها في معرض نيودلهي للكتاب    القيادة تعزي رئيس ألمانيا في وفاة الرئيس الأسبق هورست كولر    شولتس: الرسوم الجمركية تقسم العالم    أمانة عسير تستكمل صيانة وسفلتة طريق التعاون بأبها    لجنة الانضباط تغرّم لاعب الهلال "الدوسري"    أبريل المقبل.. انعقاد النسخة الثانية من مؤتمر مبادرة القدرات البشرية HCI 2025    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة الشيخ دعيج إبراهيم الصباح    قوافل مساعدات سعودية جديدة تصل غزة    تعليم الطائف: تطبيق الاختبارات المركزية في المدارس الفصل الدراسي الثالث من العام الحالي    إعلاميون ل عكاظ: الهجن السعودية تخطف الأضواء عالمياً    «الأمن البيئي»: ضبط 9 مواطنين لنقلهم حطباً محلياً بالقويعية    وزارة الشؤون الإسلامية تختتم معرض القرآن الكريم    الفريدي وأبو الحسن يَتلقون التعَازي في إبراهيم    نائب أمير الشرقية يستقبل أعضاء لجنة السلامة المرورية بالمنطقة    رحيل محمد بن فهد.. إنسان ورجل دولة باقٍ بذاكرة الزمن    16 فبراير تكريم الفائزين بجائزة الأميرة صيتة    رئيس اتحاد التايكوندو: تطوير التحكيم أولوية لتعزيز مكانة اللعبة محليًا ودوليًا"    أمير تبوك يواسي أسرتي الطويان والصالح    أمير جازان رعى حفل انطلاق الفعاليات المصاحبة للمعرض الدولي للبن السعودي 2025م    تجمع جازان الصحي يتميز في مبادرة المواساة ويحقق جائزة وزير الصحة في الرعاية الصحية الحديثة    مختص : متلازمة الرجل اللطيف عندما تصبح اللطافة عبئًا    الشرع في السعودية.. أول زيارة دولية منذ سقوط نظام الأسد ومسار جديد لسوريا في الحضن العربي    7 مستشفيات سعودية ضمن قائمة "براند فاينانس"    لماذا تُعد الزيارات الدورية للطبيب خلال الحمل ضرورية لصحة الأم والجنين؟    إيماموف يحسم مواجهته مع أديسانيا بالضربة القاضية    إعلان المرشحين لجائزة الجمهور لأفضل محتوى رقمي    الأحساء صديقة للطفولة يدعم جمعية درر    الأسرة في القرآن    ذكور وإناث مكة الأكثر طلبا لزيارة الأبناء    «بينالي الفنون».. سلسلة غنية تبرز العطاء الفني للحضارة الإسلامية    مهرجان فنون العلا يحتفي بالإرث الغني للخط العربي    ثغرة تعيد صور WhatsApp المحذوفة    خيط تنظيف الأسنان يحمي القلب    تفسير الأحلام والمبشرات    حزين من الشتا    ممثل رئيس الإمارات يقدم واجب العزاء في وفاة الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوردُ طائفيٌّ.. والخضرةُ مكّيّة
نشر في الشرق يوم 27 - 05 - 2013

دُهشتُ الأسبوع الماضي وأنا أدخل العاصمة المقدسة مكة المكرّمة بعد غياب عنها دام حوالي ثماني سنوات، حيث رأيت كيف زانها الاخضرار وزاد بهاء الأجواء الروحانية فيها طقسٌ لطيف. وطقسُ بدايات الصيف هذا مقارنة بطقسها قبل أعوام ارتبطت فيها المناسك المقدسة بالمشقة والتعب من طبيعة المنطقة الصخرية، لشيءٌ يدعو إلى العجب. وبالنظر إلى أنّ الطقس العام يتجه من سيئ إلى أسوأ بسبب التغييرات المناخية، فإنّ اهتمام أمانة منطقة مكة المكرّمة بحملات التشجير يُعدُّ مسلكاً حضارياً، وذلك لأنّه من ناحية عامة يواكب الاتجاه العالمي نحو نشر الخضرة على أغلب مساحات الأرض للحفاظ عليها وعلى ساكنيها من البشر والكائنات الحية الأخرى. ومن ناحية خاصة لأنّ مكّة تستقبل المسلمين من كل أنحاء العالم في مواسم الحج والعمرة، مما يشكّل ضغطاً صحياً على زائري بيت الله الحرام وعلى السكان من المواطنين والمقيمين إن لم يتم تأمين الأكسجين الكافي لحياة الكائنات الحية والحفاظ على الغطاء النباتي للأرض.
وفي رحلة العودة ولأننا لا ندري عن شعاب مكة شيئاً كثيراً، فقد كان لسلوكنا عدة طرق كمحاولات للخروج، فرصة لاكتشاف التطور والمظاهر الجمالية المنتشرة على معظم نواحي البلد الأمين. فعلى مد البصر تنتشر مساحات من المسطحات الخضراء، وعلى جانبي الطريق تقف صفوف الأشجار والشجيرات ملوّحة بأغصانها وكأنّها تودّع زائريها.
ومن محاسن الصدف أن تتميز مكة كمركز لإمارة منطقة مكة المكرمة بالأشجار والخضرة، وتتميز في نفس الوقت محافظة الطائف التابعة لها، التي تبعد عنها حوالي مائة كلم، بالورد الطائفي الجميل. هذه المسافة بين المنطقتين مشاها نبي الإنسانية محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهي أرض قاحلة، في شوال من العام العاشر للبعثة بقدميه الشريفتين وهما تدميان من مشقة المشي عبر الأودية والصخور حتى يبلّغ الدعوة إلى الله تعالى. وذلك في انتقال بحال الدعوة من مشقة قريش إلى تعنّت أهل الطائف التي بوركت بعدها لكونها كانت أول مدينة قصدها الرسول -صلى الله عليه وسلم- يوم قرر الخروج من مكة.
أن يشكّل الورد جزءاً من الحضور الجميل في ذهن الإنسان في كل العصور والأزمان فذاك حضورٌ محبّب إلى كل نفس تعشق الجمال وتسبّح لإبداع الخالق. وأن يكون الورد حاضراً في قصص العشاق وترجمة أحاسيسهم بعين ترى الجمال في أبهى صوره وتحسه وتتنسم عطره، فذاك مما درج عليه العشاق منذ قديم الزمان ولم يخالفهم إلا بشّار بن بُرد حين عشقت أذنه قبل عينه: «يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة.. والأذن تعشق قبل العين أحياناً».
ولكن الورد الطائفي فاق زهر وورد تلك العصور وفاق توقعات المزارعين الذين وصل إنتاج مزارعهم للعام الحالي إلى أكثر من 250 مليون وردة، وبلغ دهن الورد العطري أكثر من عشرين ألف تولة خلال الموسم الحالي. أما في باب المشاركات الدولية بالورد الطائفي فقد كانت في حفل افتتاح مهرجان الورد بقلعة مكونة في المغرب في الدورة ال51. أما الفعالية الأجمل محلياً فقد كانت في أكبر سجادة للزهور والورد، حيث احتوت على 120 ألف شتلة من الزهور والورد وبمساحة 750 متراً مربعاً، وتضم أكثر من 15 ألف صنف من الزهور بجميع الأنواع، وبالألوان كافة، بالإضافة إلى شتلات ورد الطائف. وقد تم التصميم بشكل هندسي جديد أضفت عليه النافورة المائية وسط السجادة بعداً جمالياً آخر.
هناك مثل صيني شائع يقول: «إذا كان لديك قرشان فاشترِ بأحدهما رغيفاً وبالثاني زهرة». تعبّر هذه الحكمة الصينية عن أهمية الزهور في حياة الإنسان وعلاقته بها، وهي دلالة على أنّ علاقة الإنسان بالورد وُضعت من ضمن أولويات حياته. ومنذ ذاك الزمان الذي اتخذ فيه الإنسان الزراعة نشاطاً اقتصادياً للعيش منه مباشرة وكوسيلة لكسب الرزق، وإن كان لكل ما تنبت الأرض من خير أثر مباشر في حياة الإنسان، فإنّ الورد كان ذا أثر عميق في النفوس وارتبط بالمزاج العام وبتزيين أماكن العبادة، وانتقل إلى دور الحكماء والأطباء وغيرها. وقد عرف العرب أغلب أنواع الورد مبكراً جداً، ولكن جاءت معرفتهم وتعلقهم بالورد الجوري الأحمر لاحقاً بعد قيام دولة الأندلس والاختلاط بين الشعوب وتلاقح الحضارات وتبادل الثقافات والتعرف على وسائل جديدة من وسائل العيش.
وعند الحديث عن الورد تأتي الأساطير والقصص القديمة تترى وتفرض نفسها كأساس للحكاية، فقد كان الورد حاضراً في حالات الحب كما حالات الحرب . ففي جبال الألب في سويسرا عندما تقبل فتاة باقة أزهار من فتى فهذا يعني موافقتها على الزواج منه، وقد عاش الورد كرمز للشباب والحب والجمال. أما بروز الوردة في حالات الحرب فقد كانت أشهرها حرب الوردتين التي استمرت ثلاثين عاماً في إنجلترا أثناء حكم هنري السادس وإدوارد الرابع وريتشارد الثالث بين أمراء أسرة لانكستر وشعارهم الوردة الحمراء، أما شعار أسرة يورك فقد كانت الوردة البيضاء، وانتهت الحرب عام 1476م بزواج إليزابيث سليلة أسرة يورك وابنة الملك إدوارد الرابع بالملك هنري السابع سليل أسرة لانكستر الذي أطلق عليه لقب ملك الأزهار.
وقد احتكرت المرأة التشبيه بالوردة، وذلك لما جاء ذكره في الميثولوجيات القديمة من أنّ الزهور لم تكنّ إلا صبايا قتلهن الحب فتحولن إلى زهور. ثم ارتبط الورد بالشباب والنضرة والحسن. أما الزهرة التي ارتبطت أسطورتها بالمرأة فهي زهرة النجمة التي تقول الأسطورة إن أستيريا ملكة السماء أخذت تبكي عندما نظرت إلى الأرض ولم تجد نجوماً، فنبتت زهرة النجمة في المكان الذي سقطت فيه دموعها. وجاء في الحكم القديمة: «النجوم شعر السماء، والأزهار شعر الأرض، فإذا لم تتمكن من القريض فازرعه».
وهناك قصة أخرى من قصص الزمان وعبره هي قصة «أنس الوجود» مع محبوبته «الورد في الأكمام» كما حكتها شهرزاد في ألف ليلة وليلة. وفي تفضيل الورد على الزهور تقريب للجانب الرومانسي في تشبيه المحبوبة بالوردة لرقتها ونعومتها كما بطلة شهرزاد «الورد في الأكمام». وتفضيل الورد وتتويجه ملكاً على الأزهار اشتُهر به العرب عموماً كما جاء في قول أبو الطيب العلمي:
ورد الربيع فمرحباً بوروده
وبنور بهجته ونور وروده
وبحسن منظره وطيب نسيمه
وأنيق ملبسه ووشي بروده
والورد في أعلى الغصون كأنه
ملك تحف به سراة جنوده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.