سمو أمير منطقة تبوك يستقبل عضو مجلس الشورى احمد الحجيلي    جمعية البر الخيرية بالنويعمة توزع أكثر من 800 سلة غذائية على مستفيديها    17.6 مليار ريال إنفاق أسبوع.. والأطعمة تتصدر    موجز    تحذيرات أممية من شح الغذاء في القطاع.. وجنوب إفريقيا: إسرائيل تستخدم التجويع سلاحاً للإبادة الجماعية    الاحتلال يقضم أراضي الضفة.. وفلسطين تطالب بتدخل دولي    في الجولة ال 24 من دوري روشن.. الاتحاد في اختبار القادسية.. وديربي العاصمة يجمع النصر والشباب    في ذهاب ثمن نهائي يوروبا ليغ.. مانشستر يونايتد في ضيافة سوسيداد.. وتوتنهام يواجه ألكمار    ولي العهد يهنئ شتوكر بأدائه اليمين مستشاراً اتحادياً للنمسا    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    محافظ الطائف يشارك فرع وزارة الصحة حفل الإفطار الرمضاني    أفراح البراهيم والعايش بزفاف محمد    بيئة عسير تقيم مبادرة إفطار صائم    حرم فؤاد الطويل في ذمة الله    13 طالباً من «تعليم الرياض» يمثلون المملكة في آيسف 2025    ابنها الحقيقي ظهر بمسلسل رمضاني.. فنانة تفاجئ جمهورها    تفاصيل مهرجان أفلام السعودية ب"غبقة الإعلاميين"    نائب أمير منطقة مكة يشارك الجهات و رجال الامن طعام الإفطار ‏في المسجد الحرام    جمعية التنمية الأهلية بأبها تطلق برنامجي "أفق الرمضاني" و"بساتين القيم"    تحت رعاية خادم الحرمين وحضور علماء من 90 دولة.. انطلاق أعمال مؤتمر» بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية»    همزة الوصل بين مختلف الجهات المعنية بخدمة ضيوف الرحمن.. مركز عمليات المسجد الحرام.. عين الأمن والتنظيم في رمضان    8 فحوصات مجانية بمراكز الرعاية الصحية.. تجمع مكة الصحي يفعل حملة «صم بصحة»    طبيبة تستخرج هاتفًا من معدة سجين    تعليم جازان يطلق جائزة "متوهجون"    فوز برشلونة وليفربول وبايرن ميونخ في ذهاب الدور ثمن النهائي في دوري أبطال أوروبا    الاتفاق يتعثر أمام دهوك العراقي في ذهاب نصف نهائي أبطال الخليج    المملكة تؤكد التزامها بأحكام اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية    2.8% انخفاض استهلاك الفرد للبنزين    14 تقنية مبتكرة في البيئات الصناعية بالسعودية    مشروع "ورث مصحفًا" يستهدف ضيوف الرحمن بمكة بثمان وعشرين لغة    أمين الجامعة العربية: السلام خيار العرب الإستراتيجي    أهالي الدوادمي يشاركون في تسمية إحدى الحدائق العامة    «سلمان للإغاثة» يوزّع 48 سماعة أذن للطلاب ذوي الإعاقة السمعية في محافظة المهرة    نخيل العلا.. واحات غنية تنتج 116 ألف طن من التمور سنويًا    الاتحاد أكمل تحضيراته    غونزاليس: ندرك قوة الاتحاد    "تعليم الطائف":غداً إيداع أكثر من 4 ملايين ريال في حسابات مديري المدارس    أمير حائل يشهد حفل تكريم الفائزين بمسابقة جزاع بن محمد الرضيمان    تركي آل الشيخ وTKO يعلنان عن إطلاق منظمة جديدة للملاكمة بالشراكة مع "صلة"    بنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة يطلق المرحلة الثانية من برنامج التمويل بالوكالة    ترمب وكارتلات المخدرات المكسيكية في معركة طويلة الأمد    محافظ جدة يُشارك أبناءَه الأيتام مأدبة الإفطار    لغة الفن السعودي تجسد روحانية رمضان    الصين تصعّد سباق التسلح لمواجهة التفوق الأمريكي في آسيا    أوروبا تبحث تعزيز قدراتها الدفاعية بعد تعليق الدعم الأمريكي لأوكرانيا    40 جولة لتعطير وتطييب المسجد النبوي    كيف نتناول الأدوية في رمضان؟    محافظ الخرج يشارك رجال الأمن الإفطار في الميدان    "مشروع الأمير محمد بن سلمان" يجدد مسجد القلعة    لأول مرة طالبة من تعليم الطائف تتأهل إلى مسابقة آيسف على مستوى المملكة    وزير الدفاع ونظيره السلوفاكي يناقشان المستجدات الدولية    طارق طلبة مديراً لمكتب «عكاظ» بالقاهرة    5 نصائح لضبط أعصابك في العمل    أمير جازان يستقبل منسوبي الأمارة المهنئين بشهر رمضان    التسامح.. سمة سعودية !    4 ملايين فحص لنقل الدم بالمناطق    وزير الدفاع يبحث مع نظيره السلوفاكي المستجدات    محافظ الطائف يشارك قادة ومنسوبي القطاعات الأمنية بالمحافظة الإفطار الرمضاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوردُ طائفيٌّ.. والخضرةُ مكّيّة
نشر في الشرق يوم 27 - 05 - 2013

دُهشتُ الأسبوع الماضي وأنا أدخل العاصمة المقدسة مكة المكرّمة بعد غياب عنها دام حوالي ثماني سنوات، حيث رأيت كيف زانها الاخضرار وزاد بهاء الأجواء الروحانية فيها طقسٌ لطيف. وطقسُ بدايات الصيف هذا مقارنة بطقسها قبل أعوام ارتبطت فيها المناسك المقدسة بالمشقة والتعب من طبيعة المنطقة الصخرية، لشيءٌ يدعو إلى العجب. وبالنظر إلى أنّ الطقس العام يتجه من سيئ إلى أسوأ بسبب التغييرات المناخية، فإنّ اهتمام أمانة منطقة مكة المكرّمة بحملات التشجير يُعدُّ مسلكاً حضارياً، وذلك لأنّه من ناحية عامة يواكب الاتجاه العالمي نحو نشر الخضرة على أغلب مساحات الأرض للحفاظ عليها وعلى ساكنيها من البشر والكائنات الحية الأخرى. ومن ناحية خاصة لأنّ مكّة تستقبل المسلمين من كل أنحاء العالم في مواسم الحج والعمرة، مما يشكّل ضغطاً صحياً على زائري بيت الله الحرام وعلى السكان من المواطنين والمقيمين إن لم يتم تأمين الأكسجين الكافي لحياة الكائنات الحية والحفاظ على الغطاء النباتي للأرض.
وفي رحلة العودة ولأننا لا ندري عن شعاب مكة شيئاً كثيراً، فقد كان لسلوكنا عدة طرق كمحاولات للخروج، فرصة لاكتشاف التطور والمظاهر الجمالية المنتشرة على معظم نواحي البلد الأمين. فعلى مد البصر تنتشر مساحات من المسطحات الخضراء، وعلى جانبي الطريق تقف صفوف الأشجار والشجيرات ملوّحة بأغصانها وكأنّها تودّع زائريها.
ومن محاسن الصدف أن تتميز مكة كمركز لإمارة منطقة مكة المكرمة بالأشجار والخضرة، وتتميز في نفس الوقت محافظة الطائف التابعة لها، التي تبعد عنها حوالي مائة كلم، بالورد الطائفي الجميل. هذه المسافة بين المنطقتين مشاها نبي الإنسانية محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهي أرض قاحلة، في شوال من العام العاشر للبعثة بقدميه الشريفتين وهما تدميان من مشقة المشي عبر الأودية والصخور حتى يبلّغ الدعوة إلى الله تعالى. وذلك في انتقال بحال الدعوة من مشقة قريش إلى تعنّت أهل الطائف التي بوركت بعدها لكونها كانت أول مدينة قصدها الرسول -صلى الله عليه وسلم- يوم قرر الخروج من مكة.
أن يشكّل الورد جزءاً من الحضور الجميل في ذهن الإنسان في كل العصور والأزمان فذاك حضورٌ محبّب إلى كل نفس تعشق الجمال وتسبّح لإبداع الخالق. وأن يكون الورد حاضراً في قصص العشاق وترجمة أحاسيسهم بعين ترى الجمال في أبهى صوره وتحسه وتتنسم عطره، فذاك مما درج عليه العشاق منذ قديم الزمان ولم يخالفهم إلا بشّار بن بُرد حين عشقت أذنه قبل عينه: «يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة.. والأذن تعشق قبل العين أحياناً».
ولكن الورد الطائفي فاق زهر وورد تلك العصور وفاق توقعات المزارعين الذين وصل إنتاج مزارعهم للعام الحالي إلى أكثر من 250 مليون وردة، وبلغ دهن الورد العطري أكثر من عشرين ألف تولة خلال الموسم الحالي. أما في باب المشاركات الدولية بالورد الطائفي فقد كانت في حفل افتتاح مهرجان الورد بقلعة مكونة في المغرب في الدورة ال51. أما الفعالية الأجمل محلياً فقد كانت في أكبر سجادة للزهور والورد، حيث احتوت على 120 ألف شتلة من الزهور والورد وبمساحة 750 متراً مربعاً، وتضم أكثر من 15 ألف صنف من الزهور بجميع الأنواع، وبالألوان كافة، بالإضافة إلى شتلات ورد الطائف. وقد تم التصميم بشكل هندسي جديد أضفت عليه النافورة المائية وسط السجادة بعداً جمالياً آخر.
هناك مثل صيني شائع يقول: «إذا كان لديك قرشان فاشترِ بأحدهما رغيفاً وبالثاني زهرة». تعبّر هذه الحكمة الصينية عن أهمية الزهور في حياة الإنسان وعلاقته بها، وهي دلالة على أنّ علاقة الإنسان بالورد وُضعت من ضمن أولويات حياته. ومنذ ذاك الزمان الذي اتخذ فيه الإنسان الزراعة نشاطاً اقتصادياً للعيش منه مباشرة وكوسيلة لكسب الرزق، وإن كان لكل ما تنبت الأرض من خير أثر مباشر في حياة الإنسان، فإنّ الورد كان ذا أثر عميق في النفوس وارتبط بالمزاج العام وبتزيين أماكن العبادة، وانتقل إلى دور الحكماء والأطباء وغيرها. وقد عرف العرب أغلب أنواع الورد مبكراً جداً، ولكن جاءت معرفتهم وتعلقهم بالورد الجوري الأحمر لاحقاً بعد قيام دولة الأندلس والاختلاط بين الشعوب وتلاقح الحضارات وتبادل الثقافات والتعرف على وسائل جديدة من وسائل العيش.
وعند الحديث عن الورد تأتي الأساطير والقصص القديمة تترى وتفرض نفسها كأساس للحكاية، فقد كان الورد حاضراً في حالات الحب كما حالات الحرب . ففي جبال الألب في سويسرا عندما تقبل فتاة باقة أزهار من فتى فهذا يعني موافقتها على الزواج منه، وقد عاش الورد كرمز للشباب والحب والجمال. أما بروز الوردة في حالات الحرب فقد كانت أشهرها حرب الوردتين التي استمرت ثلاثين عاماً في إنجلترا أثناء حكم هنري السادس وإدوارد الرابع وريتشارد الثالث بين أمراء أسرة لانكستر وشعارهم الوردة الحمراء، أما شعار أسرة يورك فقد كانت الوردة البيضاء، وانتهت الحرب عام 1476م بزواج إليزابيث سليلة أسرة يورك وابنة الملك إدوارد الرابع بالملك هنري السابع سليل أسرة لانكستر الذي أطلق عليه لقب ملك الأزهار.
وقد احتكرت المرأة التشبيه بالوردة، وذلك لما جاء ذكره في الميثولوجيات القديمة من أنّ الزهور لم تكنّ إلا صبايا قتلهن الحب فتحولن إلى زهور. ثم ارتبط الورد بالشباب والنضرة والحسن. أما الزهرة التي ارتبطت أسطورتها بالمرأة فهي زهرة النجمة التي تقول الأسطورة إن أستيريا ملكة السماء أخذت تبكي عندما نظرت إلى الأرض ولم تجد نجوماً، فنبتت زهرة النجمة في المكان الذي سقطت فيه دموعها. وجاء في الحكم القديمة: «النجوم شعر السماء، والأزهار شعر الأرض، فإذا لم تتمكن من القريض فازرعه».
وهناك قصة أخرى من قصص الزمان وعبره هي قصة «أنس الوجود» مع محبوبته «الورد في الأكمام» كما حكتها شهرزاد في ألف ليلة وليلة. وفي تفضيل الورد على الزهور تقريب للجانب الرومانسي في تشبيه المحبوبة بالوردة لرقتها ونعومتها كما بطلة شهرزاد «الورد في الأكمام». وتفضيل الورد وتتويجه ملكاً على الأزهار اشتُهر به العرب عموماً كما جاء في قول أبو الطيب العلمي:
ورد الربيع فمرحباً بوروده
وبنور بهجته ونور وروده
وبحسن منظره وطيب نسيمه
وأنيق ملبسه ووشي بروده
والورد في أعلى الغصون كأنه
ملك تحف به سراة جنوده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.