في معركة أحد لاكت هند بنت عتبة كبد حمزة بعد أن قتله حبشي غدراً برمح، فبقرت بطنه واستخرجت أحشاءه وقصت كبده ثم حاولت أكله فعجزت. يومها تأثر نبي الرحمة (صلى الله عليه و سلم) حتى لقد همّ بالتمثيل بأكثر فوجَّهه الوحي بالكف عن ذلك والصبر. وحين شعر ابن الزبير المحاصَر من جند الحجاج بالنهاية، تحدث مع والدته وهي أسماء المشهورة، فقال: أخاف أن يمثلوا بي بعد قتلي؟ قالت له: الشاة لا يؤلمها السلخ بعد الذبح، امضِ لما أنت مؤمن به؛ فقتله الحجاج بعد أن ضرب مكة بالمنجنيق. وفي يومٍ أرسل نبي الرحمة سبعين من خيرة الدعاة ممن رباهم على يده إلى قبائل عضل والقارة ليعلموهم الإسلام، فقاموا بقتلهم، فبقي النبي (عليه السلام) يدعو في الصلاة عليهم حتى وجَّهه الوحي إلى خير من ذلك. كلامي هذا أذكره للمكرم (فهد اليحيى) الذي تعجب مما يحدث في سوريا، خاصة من تلك الأفلام التي تُنقل على اليوتيوب عن فظاعات تعافها النفس وتتورَّع هوليوود عن تمثيلها، كانت آخرها مشاهد من الطرفين عن صور من الانتقام مروعة بقطع الأعضاء التناسلية، واستخراج القلب من الصدر. كنت البارحة أشاهد بالصدفة فيلماً من قناة (MBC) عن شاب اسمه هانيبال قامت مجموعة من الأوغاد باقتحام بيتهم في ليتوانيا في ظروف الحرب العالمية الثانية؛ ولأنهم جياع فقد أكلوا أخته الصغيرة. قام الرجل بتتبعهم حين كبر حتى اهتدى إلى أمكنتهم، كان آخرهم قد رحل إلى كندا فقتلهم جميعاً شر قتلة. يقول المثل الألماني: أفضل الانتقام ما أُكل بارداً. نحن نكتب هنا والقتل في القصير يشتعل عنيفاً مروعاً دموياً. حين أسمع الأخبار أقول إنه زمن مؤسف للموت. الحرب جريمة وإفلاس أخلاقي وجنون أياً كان من خاضها وشجّع عليها. ولكن يبدو أنها قدر إنساني حتى يتعلم إن كانت ثمة فائدة منها أن لا يخوضها مرة أخرى. لقد جربت أوروبا كل أنواع الحروب واستخدمت كل أنواع الأسلحة لتصل إلى السلام الأبدي الذي بشّر به يوماً إيمانويل كانط. نحن في عام 1434 هجرية وهي الأعوام الميلادية قبل ستة قرون التي كانت تعيشها أوروبا في مستنقع النزاعات المسلحة.