حذر محللون نفطيون من التبعات السلبية لاستهلاك الطاقة النفطية في المملكة، عبر زيادة القدرة الإنتاجية، إذا ما تم حظر استيراد الخام الإيراني من قبل الاتحاد الأوروبي. وتباينت آراؤهم حول المقدرة على تلبية الطلب الأوروبي، وكذلك قبول الضغط العالمي بزيادة الإنتاج النفطي لأكثر من عشرة ملايين برميل يومياً. وأكدوا أن استمرار الضغوط سيدوم طويلاً على المملكة، بعد تراجع إنتاج ليبيا واليمن وسورية والسودان. يؤكد نائب رئيس شركة أرامكو سابقاً عثمان الخويطر أن «الضغوط العالمية على المملكة في حالة نقص الإمدادات النفطية، ستستمر إلى الأبد، إذا كان هناك مجال لزيادة كمية الإنتاج، وحذر من الوصول إلى مرحلة قد تستنفد فيها المملكة طاقاتها الإنتاجية كافة». وتوقع الخويطر في حال حدوث أي تعطيل لسير حاملات النفط عبر مضيق هرمز، فإن سعر البرميل سيقفز إلى 150 دولاراً، وربما إلى أعلى بكثير». وعن مقدرة المملكة على سد أي فجوة يسببها انقطاع الإنتاج الإيراني، قال: «هذا يعتمد على طول المدة التي ستستغرقها الأزمة، ومقدار الإنتاج السعودي خلال وقوع الحدث، فإن كان إنتاجنا في ذات الوقت قد هبط إلى أقل من عشرة ملايين برميل، فبطبيعة الحال سيكون هناك مجال لتغطية النقص الحاصل من توقف ضخ النفط الإيراني». وأضاف «أما في حالة طلب المزيد من الإنتاج لفترة قصيرة لا تتعدى شهوراً عدة، فالمملكة تستطيع تغطية معظم الإنتاج الإيراني، ولكن التصريحات عبر بعض وسائل الإعلام تشير إلى أن المملكة ربما لا تريد أن تتحمل تبعات انقطاع النفط الإيراني». ويرى الخبير النفطي أن المتضرر من السياسات الأمريكية والأوروبية من جراء مقاطعة إيران نفطياً هم أنفسهم، وكذلك بقية دول العالم، التي ستتأثر اقتصادياتها سلبياً نتيجة لارتفاع أسعار الطاقة النفطية». وفسر الخبير النفطي وكبير الاقتصاديين في شركة إن جي بي الأمريكية الدكتور أنس الحجي عبارة «الاستعداد لسد أي فجوة طالما أن هناك من يرغب في الشراء ويدفع الثمن الذي يتم طلبه، وطالما أن الفجوة من نفس نوع النفط التي يتم بيعها، وكذلك عدم إنتاج كل ما هو موجود حتى لا يتم فقد السيطرة على السوق» أنه من الممكن زيادة الإنتاج، ولكن ليس بالشكل الذي سيغطي كل العجز. وقال إن «ارتفاع إنتاج المملكة إلى قرابة عشرة ملايين برميل يومياً، يعني أن الضغوط موجودة، وستستمر، طالما أن إنتاج ليبيا واليمن وسورية والسودان وغيرها أقل مما كان يتم إنتاجه في السابق»، مشيراً إلى أن «أي زيادة في الطلب العالمي في ظل الظروف الحالية يعني زيادة الضغط على المملكة، كي تزيد إنتاجها، أو على الأقل تستمر في إنتاجها الحالي رغم زيادة الإنتاج في ليبيا والعراق». ورأى الحجي أن العامل السلبي جراء حظر النفط الإيراني، يتمثل في أن الزيادة في الطلب ستكون على النفوط الخفيفة، التي تعاني من نقص كبير بسبب الأوضاع في كل من ليبيا ونيجيريا وسورية، وانخفاض إنتاج بحر الشمال، التي يصعب على دول الخليج التعويض عنها». وأفاد الخبير والاستراتيجي في السياسة النفطية الدكتور راشد أبانمي أن المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي كالإمارات والكويت وقطر (الأعضاء في منظمة أوبك)، قادرة على تلبية النقص في الإمدادات لدى وقوعها. وعَدّ أن السعودية من واقع ضخامة إنتاجها وطاقتها الإنتاجية الاحتياطية أو ما يعرف ب»spare-capacity»، قادرة على سد النقص، وهي ملزمة نفسها دولياً باستقرار الإمدادات، وبسد أي نقص يحدث في العرض، وهذا كان واضحاً جلياً أثناء انقطاع النفط الليبي خلال أزمة الإطاحة بالنظام الليبي». وقال إن قرار الدول الأوروبية المزمع اتخاذه نهاية هذا الشهر بحظر استيراد الخام الإيراني، إذا تم إقراره، فإنه ليس وليد اللحظة، حيث إن الأوروبيين اتخذوا قرارات سابقة بالمقاطعة الاقتصادية على إيران خلال عام، كانوا قد استثنوا النفط لحين الاطمئنان على إيجاد البدائل». وتابع «يبدو أنهم في الوقت الحالي قد أمنوا البدائل، مما يعني أن الاتحاد الأوروبي لا يلجأ إلى مثل هذا الإجراء، إلا وهو مطمئن بأنه قد أمن تعويضاً مسبقاً للبترول الإيراني من مصادر أخرى، ربما يكون من أهمها الدول الخليجية وكذلك أمريكا اللاتينية». ويرى أبانمي أن التبعات السلبية الناتجة من قرار حظر استخدام النفط الإيراني، ستضر الدول الأوروبية أكثر من ضررها لإيران نفسها، وعَدّ أن توقيت القرار لن يكون له تأثير سلبي كبير على الدول الأوروبية المستوردة للنفط الإيراني، بعد أن أمنت مصادرها، ولكن في المقابل سيلبي الهدف العقابي الأوروبي على إيران، بسبب ملفها النووي، وسيؤثر سلباً على الاقتصاد الإيراني، الذي يعتمد على تصدير النفط بشكل أساسي في ظل العقوبات الاقتصادية الأخرى المفروضة عليه منذ فترة، وسينتج عنه حرمان طهران من بيع 450 ألف برميل نفط يومياً إلى أوروبا، خصوصاً اليونان وإيطاليا الذي يشكل النفط الإيراني نحو %13 فقط من وارداتهما النفطية، وإسبانيا الذي يشكل النفط الإيراني نحو %18 فقط من إجمالي واردات إسبانيا النفطية، وفرنسا التي تستورد أقل من خمسين ألف برميل يومياً»، مؤكداً أن «الجانب الإيراني سيضطر أن يعرض نفطه على مشترين غير مستقرين، وبأسعار منخفضة، مما يعني فقدان عملاء مستقرين وخسائر بمليارات من الدولارات، وربما ستكون الصين والهند أحد هؤلاء المستفيدين من تلك العقوبات، لتلبية احتياجاتها النفطية بأسعار منخفضة، مما يعني أن هناك عوامل إيجابية على الاقتصاد الدولي، وتوفر بترول بأسعار ربما تكون أرخص مما هي عليه الآن». د. راشد أبانمي