عاد الصدام ليشوب العلاقة بين السلطة والصحافة في تونس بعد مثول الصحفي زياد الهاني أمس الأول أمام قاضي تحقيق في المحكمة الابتدائية على خلفية اتهامه بنشر أخبار مغلوطة. ويأتي التحقيق مع الهاني على خلفية اتهامه مدير عام المصالح المختصة في وزارة الداخلية، محرز الزواري، بتكوين جهاز أمني موازٍ لوزارة الداخلية بالتنسيق مع القيادي في حركة النهضة الإسلامية الحاكمة، الحبيب اللوز. ووردت تصريحات زياد الهاني في إحدى القنوات الخاصة إثر اغتيال الناشط السياسي والحقوقي شكري بلعيد، حيث اتهم هذا الجهاز بضلوعه في العملية وإدانته بالولاء إلى حركة النهضة. وتزامنت إحالة الهاني إلى قاضي التحقيق مع اليوم العالمي لحرية الصحافة ما عد رسالة واضحة من طرف سلطة الإشراف إلى الصحفيين، حسب بعض الناشطين الإعلاميين. وبحسب التقرير السنوي للحريات الذي قدمته النقابة الوطنية للصحفيين فإنه تم تسجيل 196 اعتداءً على صحفيين خلال هذه السنة أي بمعدل 9 اعتداءات كل شهر في ارتفاعٍ عن السنة الماضية، وأشارت النقابة أثناء تقديم تقريرها في ندوة صحفية إلى أن مصادر الاعتداءات تنوعت مع استمرار التهديدات التي تطالهم. وعرفت العلاقة بين الوسط الصحفي وسلطة الإشراف، ممثلة أساساً في حركة النهضة، توتراً كبيراً خلال الفترة الماضية. ويتهم قسم مهم من الصحفيين وهياكلهم السلطة الحالية بمحاولة التضييق على العمل الصحفي والقطاع الإعلامي بوسائل عديدة، أما مسؤولو الائتلاف الثلاثي الحاكم فلم تنقطع اتهاماتهم للإعلاميين بالتهويل والمبالغة في تضخيم الأحداث. وفي سياقٍ متصل، أُعلن أمس الأول إطلاق أول هيئة مستقلة لإدارة الإعلام السمعي البصري في تونس ضمن خطط تهدف لتنظيم القطاع الذي يعاني من فوضى منذ الثورة التي اندلعت قبل عامين. وجاء الإعلان عن إطلاق الهيئة المستقلة بعد تأخير عام ونصف العام بسبب جدل حول تركيبة الهيئة بين نقابة الصحفيين والحكومة. وتتمثل مهمة الهيئة المستقلة في منح تراخيص وتعيين مسؤولين في وسائل الإعلام العامة ومراقبة ورصد الانتهاكات المخلة بميثاق المهنة. ويرأس الهيئة الأستاذ الجامعي النوري اللجمي وهو مستقل ويشهد له أهل القطاع بالكفاءة والحياد، وتتكون الهيئة من ثمانية أعضاء آخرين. وقال الرئيس التونسي المنصف المرزوقي إن مهمة هذه الهيئة تتمثل في المحافظة على حرية الإعلام من المخاطر التي تتهددها. وأضاف «سيكون أيضا على هذه الهيئة الصمود في وجه الضغوطات السياسية وأمام ضغط المصالح والتجاذبات السياسية المتناقضة».