في وقت شهدت العاصمة التونسية تظاهرة أمس للمطالبة باستقالة حكومة حمادي الجبالي، مثُل الصحافي وعضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحافيين التونسيين زياد الهاني أمام قاضي التحقيق في تونس العاصمة للاستماع إليه كشاهد في قضية اغتيال المعارض شكري بلعيد. وفي تطور لافت، توجه أعوان من الأمن إلى الهاني من أجل القبض عليه وتقديمه إلى النيابة العمومية على رغم أنه لا يوجد استدعاء رسمي في ذلك. وطلبت هيئة الدفاع عنه من النيابة العمومية أن توجه اليه استدعاء رسمياً. وكان زياد الهاني وجّه اتهامات لكوادر في وزارة الداخلية التونسية بالتورط في اغتيال بلعيد، وصرّح بأن المسؤول المباشر عن الاغتيال هو مسؤول في الوزارة تتحفظ «الحياة» عن نشر إسمه. وقالت مصادر أمنية إن هذا المسؤول مُعيّن من قبل «النهضة». وقال مكرم القابسي عضو هيئة الدفاع عن الهاني في تصريح إلى «الحياة» إن توجيه الدعوة إلى موكله للحضور أمام قاضي التحقيق على خلفية تصريحات إعلامية «يهدف إلى إسكات الإعلاميين وترهيبهم»، وشدد على أن هيئة الدفاع تطالب بالتحقيق في ما صرح به الهاني من خلال استدعاء قيادات في «النهضة» مثل الحبيب اللوز والمسؤول في وزارة الداخلية الذي سمّاه الصحافي على أساس أنه المسؤول عن اغتيال بلعيد. وعبر القابسي عن تخوفه من أن يتم توجيه اتهامات إلى الهاني بإثارة البلبلة وتهديد الأمن القومي والأمن العام وتشويه المؤسسة الأمنية. واعتبر الهاني أن وزارة الداخلية تسعى إلى توجيه التحقيق وإبعاده عن هدفه الحقيقي وهو كشف المتورطين في اغتيال بلعيد، مشدداً في تصريح إلى «الحياة» على أنه متمسك بما صرّح به وسيمد السلطات القضائية بما يملكه من أدلة حتى يساعد في إظهار الحقيقة، كما قال. وفي سياق آخر، قامت أرملة شكري بلعيد بسمة خلفاوي أمس بوقفة احتجاجية أمام المجلس التأسيسي، حضرها قرابة مئة متظاهر من اليساريين ومناهضي الحكومة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية. وقالت أرملة بلعيد ل «الحياة» إنها جاءت للتنديد بسياسة الحكومة «المتواطئة مع القتلة» والتي «أهّلت لعنف سياسي ممنهج تشهده البلاد ساهم في تفشّي هذه الظّاهرة وتسبّب في مقتل زوجي، ومن الممكن أن يتطوّر الأمر ليطاول تونسيين آخرين». وأضافت أرملة بلعيد أنها توجّهت إلى المجلس التأسيسي لمطالبته بإسقاط الحكومة لأنه يمثّل المؤسسة الشرعية في البلاد، ومن واجبه حماية أمن المواطنين. وفي تفاعل مع هذه الوقفة خرج عدد من نواب المجلس من كتل الأحزاب المعارضة للاستماع إلى أرملة بلعيد، وقاموا بتعزيتها. ورفع المشاركون في هذه الوقفة شعارات منادية بإسقاط الحكومة ومنددة بالعنف السّياسي، ومطالبة المجلس التأسيسي بالتدخل الفوري «لإنقاذ البلاد وحماية المواطنين». في غضون ذلك، كتبت «فرانس برس» أنه في حين تقول تونس وباريس إن علاقتهما تشهد تحسناً على رغم ما كانت فرنسا تقدمه من دعم لنظام زين العابدين بن علي مطلع 2011، ما زال الاستياء ينتاب التونسيين وانعكس في شعار «فرنسا ديغاج» (فرنسا ارحلي) الذي ردده المتظاهرون الإسلاميون الأسبوع الماضي. وفي خضم الأزمة السياسية التي تهدد استقرار البلاد ووحدة حركة النهضة، استعملت هذه الحركة معارضة «التدخل الفرنسي» كواحد من شعاراتها خلال تجمعاتها الأخيرة. وردد ثلاثة آلاف متظاهر السبت بصوت عال «فرنسا ديغاج!» في قلب العاصمة التونسية وعلى مسافة مئة متر من السفارة الفرنسية المحاطة بالأسلاك الشائكة منذ التدخل الفرنسي في مالي، ورفعوا لافتات كتب عليها «كفى فرنسا!تونس لن تكون مستعمرة مرة ثانية». وفي قفصة، بالحوض المنجمي المضطرب (وسط البلاد)، ردد المتظاهرون نفس الشعارات وأحرقوا ثلاثة أعلام فرنسية رداً على تصريحات وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس الذي تحدث عن «فاشية إسلامية» بعد اغتيال بلعيد الأربعاء.