حفر الباطن – حماد الحربي البوعينين: الميزانية تشمل طريق حفر الباطن الرقعي حتى نهاية حدود المنطقة الشرقية وتبلغ 655 كم. الطريق لم يحظ بميزانية مستقلة طوال العقود الماضية. قد لا يكفي أن تسافر مرة أو مرتين على طريق مليء بالحفر والمطبات والتشققات الإسفلتية، مروراً بالتحويلات المفاجئة والمعروفة، وعلى مدى 5 ساعات متواصلة حتى تكتشف أهمية إصلاح هذا الطريق. لكن ثمة أناس عرفوا هذا الطريق وخبروه على مدى ثلاثين عاماً، وعقدوا معه صفقات متتالية من فرح وألم، حتى عده البعض عشقاً. «أبو حدرية» طريق يمتد من الدمام إلى حفر الباطن لمسافة تزيد على 450 كيلومتراً، نسجت بين أرصفته وجوانبه قصص وحكايات مضرجة بدماء أهالي المحافظة والمحافظات المجاورة. بداية الخطر ويرى كثير من المسافرين براً من الدمام باتجاه محافظة حفرالباطن أن الطريق الدولي المعروف ب (أبو حدرية) هو بداية الخطر والمغامرة بأرواحهم على مدى أكثر من ثلاثين عاما عاشوها وسط رعب وقلق حقيقي بعدما أصبح المسافر على هذا الطريق (مفقود) والخارج منه (مولود)، وهي النظرة التي تولدت نظير علاقة هذا الطريق المباشرة بالحوادث المميتة التي يذهب ضحيتها سنويا عشرات الأشخاص من أهالي النعيرية وقرية العليا والسعيرة والرفيعة مرورا بحفر الباطن ورفحاء وانتهاء بقاصدي دول الشام وتركيا، خاصة أن الطريق يعتبر بوابة رئيسة للمملكة باتجاه هذه الدول، ويعاني الطريق من كثرة التحويلات وخطورتها ورداءة الطبقة الإسفلتية وكثرة ما يعانيه من تصدعات وتشققات. ميزانية مشتتة وكشفت مصادر مسؤولة في وزارة النقل ل «الشرق» أن الطريق لم يحظ بميزانية مستقلة طوال العقود الماضية، وتعتبر ميزانية العام الماضي هي أول ميزانية مخصصة لإصلاح ومعالجة الطريق التي بلغت أكثر من 800 مليون ريال، وأشارت هذه المصادر إلى أن كل ما يخصص للطريق في السابق هي مبالغ ضئيلة لا تتجاوز 15 مليوناً سنوياً مستقطعة من مشاريع الصيانة وهذه المبالغ لا يمكنها معالجة الطريق بالكامل. ووفقاً لما أعلنته وزارة النقل على موقعها الرسمي على شبكة الإنترنت فإن طريق (أبو حدرية) دخل في قائمة العقود التي وقعتها الوزارة للمرة الأولى بتاريخ 2 /11/ 1410في العقد رقم 1858، قبل أن يدخل اسم مدينة (حفر الباطن) للمرة الأولى في قائمة العقود في العام الذي يليه تحت مسمى (الأعمال الإسفلتية لطريق النعيرية / حفر الباطن / رفحاء)، في العقد رقم 909 وتاريخ 6 /8 / 1411، ليحضر بعدها اسم طريق أبو حدرية وطرق حفرالباطن في فترات متقطعة، الأمر الذي يصادق على صحة ما ذكرته مصادر «الشرق» حول عدم وجود مشاريع مستقلة للطريق خلال السنوات الماضية. أرقام غير متطابقة ووفق جولة ميدانية قامت بها «الشرق» على الطريق فإن معظم الأرقام التي وضعت على لوحات المقاولين وتحوي بيانات المشروع لم تتطابق فيها أرقام العقود مع قائمة العقود المعلنة في موقع الوزارة خلال الخمس السنوات الأخيرة وكذلك أسماء المقاولين، إضافة إلى انتهاء المهلة المحددة لجميع المشاريع المعلنة رغم أن نسبة الإنجاز لم تتجاوز حتى بعد مرور عام أو عامين في بعض المشاريع حاجز ال 50% وفق ما رصدته «الشرق» في جولتها. الشفافية والوضوح وأمام هذه المعطيات يؤكد رئيس مجلس أهالي حفرالباطن علي المعدي أن وزارة النقل مطالبة بالشفافية والوضوح، خاصة أن الأرقام المعلنة على موقع الوزارة تكشف لنا عدم الاهتمام بإصلاح هذا الطريق الدولي المهم الذي يشهد حركة كثيفة طوال أيام الأسبوع وذلك بشكل متكامل، ويضيف: «نحن تفاءلنا بعد إعلان ميزانية ضخمة لإصلاح الطريق لكن الوقت الافتراضي انتهى ولم يتغير شيء، فالتحويلات مازالت قائمة والعمل يسير ببطء رغم الحوادث المميتة المتكررة التي تأتي بسبب التحويلات وإجبار المسافر على قطع مسافة طويلة بمسار ضيق يفتقد لأبسط أدوات السلامة، خاصة أن الطريق يشهد نشاطاً كبيراً وملحوظاً في حركة الشاحنات على اعتبار نشاط الحركة التجارية في المنطقة». تهاون «النقل» ويرى عضو المجلس المحلي في محافظة حفر الباطن، مضحي دغيم الشمري، أن المحافظة ظلمت كثيرا على مستوى خدمات الطرق بسبب تهاون (وزارة النقل) في أداء دورها المطلوب والتعامل الأمثل مع طريق دولي يعتبر واجهة للبلاد، وقال: «عاشت حفرالباطن سنوات عجاف خلال الفترة الماضية على مستوى خدمات الطرق؛ بدليل أن طريق أبو حدرية أصبح مضرباً للمثل في تأخر المشاريع والإهمال، واستمر في حصد أرواح المسافرين، وأضاف: نتمنى أن تكون هذه السنوات العجاف مبرراً لأن تكون حفر الباطن لها الأولوية من بين محافظات المنطقة الشرقية؛ فالطرق مازالت حالتها سيئة رغم وجود مبررات كبيرة لإصلاحها، باعتبار موقع المحافظة الجغرافي والنمو السكاني المتزايد». حالة عشق ويقول المواطن سنيد بداي الحربي إنه عاش هذا الطريق بكامل تفاصيله (تحويلة، تحويلة) على حد وصفه، مبينا: «توظفت في الجبيل قبل أكثر من ثلاثين سنة وباتت مسألة زيارة أهلي في حفرالباطن والعودة لهم في أوقات الإجازات من أكثر الأوقات الصعبة التي عشتها في حياتي بسبب رداءة الطريق، وقد عايشت العمل على طريق أبو حدرية – حفرالباطن لحظة بلحظة»، ويمضي ساخراً: «لا أبالغ بالقول إنني كونت علاقة عشق مع هذا الطريق وأصبحت أكثر خبرة فيه من الآخرين بسبب ترددي المستمر، ودائما ما يدور في خاطري سؤال: متى ينصلح حال هذا الطريق؟!». قصص الموت.. ويذهب عدد من أهالي محافظة حفرالباطن في أحاديثهم الخاصة عن قصة هذا الطريق إلى أنه يعتبر الطريق الأغرب آخذين في الاعتبار أقدميته وعدم صلاح حاله رغم مرور ثلاثة عقود على إنشائه، ويجد الأهالي متعة كبيرة في التسابق على حصر أعداد التحويلات التي مروا بها في آخر رحلة لهم على هذا الطريق، وفي الغالب لا تقل عن عشر تحويلات في الطريق الواصل بين حفرالباطن والنعيرية الذي يبلغ طوله 275 كلم، فإذا ما تم تقسيم المسافة على عدد التحويلات يصبح تحويلة واحدة لكل 27 كلم، غير أن هذه المتعة سرعان ما تتحول لسرد القصص المأساوية التي عاشوها على هذا الطريق؛ حيث يجمع كثير أن لكل شخص من أهالي حفر الباطن أو النعيرية وله مصلحة مباشرة في الدمام أو وظيفة أو تجارة قد عاش وخاض التجربة وربما فقد صديقا أو قريبا على هذا الطريق. سرعة الإنجاز من جهته أكد مدير إدارة الطرق والمواصلات في فرع حفر الباطن نهار البوعينين ل «الشرق» أن ميزانية المشروع تشمل طريق حفرالباطن الرقعي وتمتد حتى نهاية حدود المنطقة الشرقية بمجموع أطوال يبلغ 655 كلم، مشددا على أن السبب في كثرة التحويلات في الوقت الحالي يعود للرغبة في سرعة الإنجاز، مؤكدا أن معايير وزارة النقل صارمة في وزن الطبقة الإسفلتية وسيكون الطريق أفضل من السابق حال الانتهاء منه. غير أنه لم يحدد موعداً نهائياً لإنهاء المشروع. شاحنة تعبر إحدى تحويلات الطريق