استطاع عديد من المبتعثات السعوديات خارج المملكة، تبديد كل الصعوبات التي واجهنها، والتأقلم معها ومجاراة الفروقات بين ثقافتهن وثقافة البلدان المختلفة، من خلال إرادتهن القوية، واعتمادهن على أنفسهن، في ظل اعتقاد البعض أن المرأة السعودية غير قادرة على مواجهة الظروف الصعبة، ويرون أنهن مدللات اعتدن على وجود «الخادمات» في منازلهن. التقت «الشرق» بعض المبتعثات السعوديات في كندا، للاطلاع على طبيعة حياتهن، وكيف استطعن تخطي العقبات خلال مسيرة الابتعاث. أعتمد على نفسي وذكرت لينا محمد- طالبة دكتوراة تخصص كيمياء في جامعة ويسترن أونتاريو بكندا منذ خمسة أعوام-، أن طبيعة حياتها التي عاشتها في المملكة سمحت لها بالتأقلم سريعاً في كندا، فرغم وجود خادمة في منزل أهلها، إلا أنها لم تكن توليها جميع المهام، بل تعتمد على نفسها كثيراً، وأضافت «ببركة دعاء الوالدين وتشجيع زوجي، تمكّنت من التغلّب على الصعاب التي واجهتني في البداية، فحين تزوجت كنت أدرس الماجستير وبدأت أبرمج حياتي كما أريد، ولم أفكر في إحضار شغالة، فأنا ضد فكرة وجود إنسانة غريبة داخل بيتي، ولن أفكر في اللجوء للخادمة حتى بعد عودتي للمملكة. وترى لينا أن تجربة خمس سنوات اغتراب أثبتت لها قيمة الأهل، ووجدت أن البعد عنهم أصعب ما تواجهه الطالبة المبتعثة. ورأت أن الفرق بين حياة المرأة في كندا عن المملكة، يكمن في زيادة المسؤوليات، حيث إن أغلب الأمور ينفذها للمرأة في الممكلة ولي أمرها، فيما تضطر خارج الممكلة للاعتماد على نفسها، وتقول» أنا متزوجة ولي ابنتان نعيش جميعاً في كندا، ولا أجد حياتي في المملكة سلبية، على العكس، فالغربة تحرم الإنسان من أهله، وليس للإنسان يد أمينة تساعده كالأم والأخت، وأنفر أحياناً من استغراب بعض الأجانب مني كوني لا أصافح الرجال، أو سؤالهم لي عما يخص ديني وعقيدتي». وعن كيفية توفيقها بين الدراسة ومنزلها، تقول» المسألة تنحصر في كيفية تنظيم الوقت و قبل ذلك دعاء الله سبحانه وتعالى بالتيسير والتفاهم بين الزوج والزوجة، ولا أقول إن الأمر يسير تماماً، ولكن ولله الحمد فإن أي قصور مني يواجه من قبل زوجي بالقبول والتفهم، ولي أولويات بالطبع، فحين تمرض ابنتي أفرّغ نفسي لها تماماً». أصلي في الجامعة فيما رأت طالبة الماجستير في الكيمياء في جامعة ويسترن أونتاريو هناء إبراهيم ساحلي، أن المجتمع الكندي يحترم الأديان، وبيّنت أنها لا تواجه مشكلة عندما تقوم بالصلاة في الجامعة أو أي مكان تذهب إليه في كندا، غير أن نمط الحياة بين المملكة وكندا مختلف، وبيّنت أنها ابتعثت منذ عام فقط، ويرافقها أخوها وزوجته، فهو يدرس هنا، وتقول» الحمدلله الذي جعلهما معي، فزوجة أخي جزاها الله خيراً قائمة بكل المهام في المنزل، ما يسهل علي مسؤولية الدراسة». وبيَّنت ساحلي أن البيوت في كندا ذات أحجام صغيرة، بعكس بيوت السعودية التي تمتاز بالاتساع المبالغ فيه أحياناً، ما يدفع المرأة للاستعانة بخادمة تساعدها. وعن قيادة المرأة السعودية للسيارة في كندا تقول» كثيراً ما يسأل الكنديون عن أسباب منع المرأة السعودية من قيادة السيارة في المملكة، ولكني أجد في ذلك ما يضمن الخصوصية لها، فالمجتمع الكندي مختلف عن مجتمعنا السعودي، وعاداته غير متوافقة معنا، ولكننا نسعى إلى الاندماج معهم، وتخطي كل العراقيل بالإرادة. مُنظمة بطبعي فيما ذكرت نجلاء محمد- وهي طالبة دكتوارة تخصص رياضيات في جامعة ويسترن أونتاريو، أنها مُنظمة بطبعها، ولم تتغير عليها الحياة في المملكة عنها في كندا، وتقول» أنا متزوجة وزوجي وأطفالي معي، وطبيعة حياتي تفرض علي التنظيم، ولا أجد صعوبة في حياتي هنا، لأني أنظم وقتي، وأوفق بين عائلتي الصغيرة ودراستي، لأتدارك كل الصعوبات التي قد تواجهني، حيث إني جئت لكندا بهدف إكمال الدراسة، ولا أريد خذلان نفسي، بل سأرتقي بها وأعود لبلدي مرفوعة الرأس، وسأكون ما أريده يوماً ما».