وزير التجارة الجديد، أكثر مَنْ تتجه له الأنظار، بأمل أنْ يأتي بما لم يأتِ به أسلافه، لما لوزارته من تماس مباشر مع حياة الناس، فالأسعار انفلتت منذ سنوات من عقال السيطرة، وصارت ناراً أحرقت جيوب المواطنين، وأكلت مدخراتهم، ومازالت في تلظٍ مستمر، والرقابة غائبة إن لم يكن ليس لها وجود في الأصل، والأسواق مترعة بالسلع المغشوشة والمسرطنة، ونظام مكافحة الغش التجاري معطّل، ما جعل التاجر في مأمن من أن تطاله أية عقوبة. حال السلع المدعومة مثال صارخ على تنامي “سطوة التاجر” التي حوّلت الدعم إلى ضريبة، ما جعل أسعار هذه السلع تحلق إلى مستويات غير مسبوقة، بل إن بعض تجارنا وصل بهم الجشع وغياب الرقيب، إلى إعادة تصدير السلع المدعومة لدول مجاورة للاستفادة من فارق السعر، ولسان حالهم: “على عينك يا مسؤول”! والمسؤول المغلوب على أمره، يداري عجزه، و”يحط حرّته بالمستهلكين”: “ياجماعة اللي ما يشتري يتفرج”! ما أوجد حالة الفوضى هذه هو غياب الرقيب، ما أعطى التاجر هامشا كبيرا للمناورة في السعر والغش والاحتكار، ولعل الوزير الجديد يعالج هذه المعضلة التي شكا منها أسلافه، بإيجاد آلية شراكة بين الوزارة والمستهلك ليقوم بالدور الرقابي، عبر نظام مكافحة الغش التجاري، الذي إن فعّل فسيكون له إسهام كبير في الحد من حالة “سوق الغاب” التي حوّلت التجار لوحوش كاسرة، والمستهلكين طرائد مستضعفة.