بدت جلسات اليوم الثاني والأخير من لقاء الخطاب الثقافي السعودي السادس أكثر جرأة وانفتاحاً، ولم تخل المشاركات من المفاجآت من قبل مشاركين في الحوار، إلا أن سؤال عبدالله المديفر للأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني فيصل بن معمر حول سبب منع القناة الثقافية من بث الحوار مباشرة قبل بدء اللقاء، بخمس دقائق، تسبب في لحظات إرباك وصمت. أخذ الحوار مجراه ثم عاد بن معمر ليجيب على السؤال بقوله: إن سبب المنع هو اختبار إمكانيات شبكات التواصل الاجتماعي، وحتى لا يحجب الضوء عن التغطيات الصحفية. ونظم اللقاء مركز الملك عبدالعزيز في الدمام خلال اليومين الماضيين، تحت عنوان «الحراك الثقافي في مواقع التواصل الاجتماعي». وشهدت جلسات أمس نقدا للقاء من بعض المشاركين فيه، عبر تغريدات في «تويتر»، وقال عبدالله الملحم في إحداها: «الحوار لا يعدو كونه استهلاكا ثقافيا وفضفضة ليس إلا، وهذا ما لمسته كمشارك». ورأى المديفر أن مشاركات الشباب كانت أكثر عمقا من الأكاديميين. وأثار بندر الدامر قضية الرموز الدينية بقوله: «الإسلام ليس به رمز ديني سوى الرسول صلى الله عليه وسلم»، بينما اعتبر محمد العبداللطيف المشاركين في «تويتر» بأسماء مستعارة إنما يعتبرون «تويتر» بمثابة «كرنفال». وكانت مشاركة محمد السلمي هي الأكثر إثارة، حيث قال: «الحوار في «تويتر» لم يغير شيئا، ولم يسقط وزيرا، ولم يوظف عاطلا، ولم يحقق أي هدف سوى الفضفضة». واعتبرت الكاتبة هالة القحطاني أن الخطاب الذي وجهه الشباب والشابات عبر قنوات التواصل الاجتماعي قد أخرجت برامج تفوقت على الإعلام التقليدي. فيما أشار فهد السنيدي إلى أن دول العالم تدفع عشرات الملايين للاستشارات، بينما تقدم الاستشارات في «توتير» مجانا. وتساءل وليد سليس عن سبب تجريم الضحية حين يتحدث عن مظلوميته، في الوقت الذي تنشر فيه الصحافة التقليدية الأمور نفسها ولا يتم معاقبتها. وتطرق الدكتور عيسى الغيث إلى أن «تويتر» يشمل تيارين، أحدهما يساري متشدد يعتدي على حقوق الخالق، والثاني يميني متطرف يعتدي على المخلوق، داعيا إلى مواجهة الإساءات للشخوص عبر المحاكم، مشيرا إلى ما حصل من تطاول على عضوات مجلس الشورى، وقال: «رغم التطاول على عضوات مجلس الشورى إلا أنه للأسف، لم تتخذ أي منهن موقفا تجاه هذا الأمر». واعتبر بن معمر الحوار في مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني من أفضل الحوارات، موضحا أن الحوار في المركز الملك أفضل من الحوارات التي حضرها في الخارج، معللا ذلك بأن تلك الحوارات، ومنها مؤتمر «دافوس»، عبارة عن محاضرات لا يتاح فيها الفرصة إلا لعدد بسيط من المداخلات العشوائية من الجمهور، ولا يتم استخلاص أفكار منها كما يحدث في حوارات المركز، داعيا مغردي «تويتر» عامة إلى «الفزعة» والتعريف بمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، كون الدراسة التي أجراها المركز بينت أن نسبة الناس الذين يعرفون عن الحوار الوطني محبطة. مشاهدات: * نشرت وعد الشدي ورقة عملها عبر موقع «تويتر». * غلب الحضور الأكاديمي على جلسات اللقاء، حيث بلغ عدد المشاركين منهم نحو 27، من أصل 69 مشاركاً ومشاركة من تخصصات مختلفة. * حاول رئيس الجلسة فيصل بن معمر السيطرة على محاولة بعض المشاركين التعليق على مشاركات بعضهم. الرويثي تطالب المسؤولين بتفعيل حساباتهم في وسائل التواصل طالبت وكيلة عمادة تطوير التعليم الجامعي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتورة إيمان الرويثي، المسؤولين بتفعيل حسابات لهم على شبكات التواصل الاجتماعي، ليتعاملوا مع الجمهور، حتى يتم احتواء أي مشكلة تطفو على السطح، بدلاً من تراكمها، مشيرة إلى أن غالبية حسابات المسؤولين حالياً غير مفعلة. ورفضت الرويثي لغة الحوار الناقدة، موضحة أنها لن تصلح شيئاً، مشيرة إلى تذمر أحد المشاركين من أن الكرسي غير مريح، وقالت: «اعتدنا في مجتمعنا أن لا ننقد من يستضيفنا في الأماكن التي لا يستطيع تغييرها، هنا هل نعتبر هذا النقد حرية تعبير؟»، مضيفة: «الآن لدينا أدوات ليست دخيلة على المجتمع، أصبحت واقعاً نتعامل معها في أطر تنظيمنا وسياساتنا وعاداتنا وتشريعاتنا، لذلك يجب أن توضع سياسات وعقوبات ومحفزات للغة الحوار في شبكات التواصل». وتابعت: «نطالب بالمحفزات قبل العقوبات، مثل أن تمنح جوائز لأفضل مدونة، وأفضل فيلم يوتيوب». القحطاني: منع البث المباشر يعيدنا إلى نقطة الصفر هالة القحطاني اعتبرت الكاتبة هالة القحطاني سبب منع البث المباشر عبر القناة الثقافية بأنه غير منطقي، وقالت: «النقل المباشر لحدث كبير مثل هذا ينتظره الناس لمشاهدة نتائجه ضروري، وبهذا التبرير نكون قد رجعنا إلى نقطة الصفر، ورسخنا فكرة أن الإعلام مازال رجعيا وتقليديا ومسيطرا ويريد إرجاعنا للخلف». وعن إيقاف المداخلات المباشرة بين المشاركين، قالت القحطاني إن السبب أن بعض المشاركين بدأ في ذكر أسماء، وكان المتفق عليه أن من آداب الحوار عدم شخصنة الأمور، وأن يكون توجه الحوار عاما حتى يتم تفادي الصدامات، مشيرة إلى أن مدير الحوار حاول أن يرسخ الفكرة. الدامر: بعض الأطروحات أخذت طابع «الوصاية» بندر الدامر رأى صاحب حساب «رئيس حزب الكنبة» على موقع «تويتر»، بندر الدامر، أن بعض الأطروحات في اللقاء أخذت طابع الوصاية، وهي ما يرفضها الشباب خاصة. وقال: ما لمسته عن قرب أن نسبة الوعي ارتفعت لدى الشباب السعوديين، الذين يمثلون النسبة الغالبة في المجتمع، من خلال كتاباتهم، وظهر ذلك جليا عند «حريق الرياض» و»سيول جدة»، مضيفا أنه جاء إلى اللقاء وذهنه مشغول بدعوة الناس إلى الابتعاد عن فكر الوصاية، والدعوة للكتابة وإخراج الآراء إلى النور بدلا من الظلام، والسعي لصنع حب المعرفة لدى الطفل، بأن لا يخاف أن يسأل ويستفسر ليتعلم. وحول ما لمسه من خلال الحوار في اللقاء، قال الدامر: «كان هناك توجهان، صبّا في منحى واحد، هناك من يطالب بحرية مطلقة، ولكن أغلب التوجهات تعتبر أن الحرية مسؤولية، وكل إنسان مسؤول عما يكتب وفق الأطر القانونية للبلد». أبو زيد: مازلنا نتدرَّب على مبادئ الحوار رحاب أبو زيد بررت الكاتبة رحاب أبو زيد أسباب عدم إتاحة الفرصة للمشاركين للمداخلة والتعليق على أراء بعضهم، وقالت: في هذه المرحلة «ما زلنا نتدرب على مبادئ الحوار، ويجب أن نكون متفهمين لهذا المسلك، وهو رفض المداخلة الحقيقية أو المقاطعة»، مؤكدة الحاجة لهذا الضبط، «حتى نصل لمرحلة التفهم وتقبل الآخر، بعيدا عن محاولة تقييم الآخرين، وألاَّ تسيطر علينا مشاعرنا، عند ذلك يمكننا أن نسمح بالحوار الحر. وأرى أن فترة الثلاث دقائق الممنوحة لكل مشارك كانت كافية لطرح فكرته». مشاركون في اللقاء أمس (تصوير: علي غواص) وسائل التواصل الاجتماعي تعكس حقيقة المجتمع.. وحجبها لن يحل سلبياتها خرج لقاء الخطاب السعودي السادس بعدة توصيات، هي: * إن معطيات وسائل التواصل الاجتماعي تعكس حقيقتنا، وهمومنا، ومستوانا الثقافي، ومن ثم ينبغي دعم الإيجابية فيها، وترشيد السلبية منها. * إلى جانب إيجابيات وسائل التواصل الاجتماعي، هناك سلبيات يجب معالجتها، لكن لابد من وضع مقابلها أموراً ثلاثة: - الأول: في مقابل هذه السلبيات إيجابيات، إما على المستوى الديني، أو الوطني أو تنوُّع الآراء، أو الدفع نحو مجالات النفع العام، ونحوها. - الثاني: هذه السلبيات هي ناتج الانفتاح المفاجئ بعد إعلام رسمي، أو شبه رسمي محدود، ما يعني أن هذه السلبيات ستخف، وتتلاشى مع الزمن. - الثالث: مواجهة سلبيات هذه الوسائل بالحجب، لن يحل المشكلة بل قد يفاقمها. * الحراك الثقافي في وسائل التواصل الاجتماعي حراك تفاعلي تبادلي أفقي، وينبغي في ترشيده ومعالجة قضاياه، سلوك منهج التفاعل معه، لا الفرض والوصاية. * ينبغي تطوير وتفعيل الأنظمة الموجودة لمحاسبة من يتجاوز الثوابت الدينية والوطنية، أو المتعلقة بالأشخاص والمؤسسات؛ لتُتلافَى السلبيات، وتُحمى الحريات. * ينبغي أن يرتقي مستوى التواصل والانفتاح في الإعلام التقليدي إلى مستوى لغة الإعلام التواصلي المنضبط بالضوابط الدينية والوطنية. * ضرورة تفاعل المؤسسات والمسؤولين مع ما يقدم في هذه الوسائل كعوامل مفيدة لتطوير الأداء والتواصل المجتمعي. * ينبغي صياغة «ميثاق أخلاقي» يشجع على الالتزام الديني والوطني في المشاركة في وسائل التواصل الاجتماعي بالاتفاق على رؤى وطنية يجتمع الناس عليها، ويكون الاختلاف فيما دونها. * يأمل المجتمع السعودي من الحراك الثقافي في وسائل التواصل الاجتماعي أن يكون معبراً عن همومه وآماله؛ لعدم استطاعة الإعلام التقليدي التعبير عنه، وأن يحترم مكون المجتمع الأساس، وهو الإسلام بقطعياته، وأن يركز على المشتركات والقضايا الوطنية، ومسارات الإصلاح.