مضى أكثر من 21 شهراً على صدور أمر ملكي بإخضاع المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني لإشراف مجلس التعليم العالي، دون تنفيذه، في حين مازالت الجهات المعنية تلتزم الصمت حيال تعطل تنفيذ الأمر، ما أثار قلق عدد من المهتمين بتطوير التعليم والتدريب التقني والمهني. وتساءل عضو هيئة التدريس العميد السابق لكلية التقنية في الرياض الدكتور هلال العسكر، عن مصير الأمر الملكي رقم (أ/121) وتاريخ 2/7/1432 بإخضاع المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني لإشراف مجلس التعليم العالي. وقال العسكر إننا كأعضاء هيئة تدريس في هذه الكليات أساءنا كثيراً عدم تنفيذ هذا الأمر، مضيفاً أن المؤسسة سلمت الوحدات التعليمية والتدريبية، من كليات ومعاهد، لشركات أجنبية لإدارتها، بدلاً من إسناد الإشراف عليها لمجلس التعليم العالي، ما يثير عديداً من التساؤلات عن مصير الأمر الملكي المذكور وأسباب عدم تنفيذه؟ ومن المسؤول عن ذلك؟ وأضاف أن منسوبي الكليات والمعاهد العليا التقنية في المملكة فرحوا كثيراً بالأمر الملكي، وما تبعه من برقيات تؤكد على ضرورة الالتزام بتنفيذه لأنه يعالج مشكلة وطنية تتمثل في أهم مفصل من مفاصل التنمية وهو التعليم والتدريب التقني، ويربط وحدات التعليم والتدريب التقني ويخضعها لإشراف مجلس التعليم العالي وتقويم هيئة الاعتماد الأكاديمي، نظراً لكونها برامج جامعية (فوق الثانوي)، وبهدف تأهيلها وتطويرها وتحويلها مستقبلاً لجامعات للتقنية، ما يفتح المسار التعليمي لشباب الوطن ويمكنهم من مواصلة تعليمهم التقني العالي ويخرج للوطن علماء في مجالات التقنية المهنية. وكان ولي العهد الراحل الأمير نايف بن عبدالعزيز، رحمه الله، وجّه خطاباً لوزيري التعليم العالي والعمل بإنفاذ الأمر الملكي الذي يأمر بربط برامج الكليات والمراكز والمعاهد التقنية التابعة للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني والمعاهد الصحية التابعة لهيئة التخصصات بمجلس التعليم العالي ومختلف برامج التعليم والتدريب فوق الثانوية، عدا العسكرية لتطبيق آليات المواءمة وإعادة الهيكلة عليها. كما نص الخطاب على تعديل نسبة قبول خريجي الثانوية في الجامعات التي تبلغ 92% بحيث يصل معدل القبول في الجامعات إلى 70% منها 55% للمرحلة الجامعية و15% لكليات المجتمع و25% للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، ومن يتجه من خريجي الثانوية إلى العمل، وفقاً لما ورد في الخطة المستقبلية للتعليم الجامعي في المملكة العربية السعودية المعروفة ب»مشروع آفاق» التي وافق عليها المقام السامي، وتشكيل لجنة مشتركة تجتمع في نهاية كل عام دراسي لتنسيق القبول وتوزيع نسب الاستيعاب بين تلك الجهات واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة، فضلاً عن إخضاع جميع البرامج التعليمية والتدريبية بعد الثانوية العامة، عدا العسكرية، لتقويم الهيئة الوطنية لتقويم الاعتماد الأكاديمي. وجاء في توجيه ولي العهد الراحل أن على المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني إنفاذ الأمر وتوفير البيانات المطلوبة لمجلس التعليم العالي، وتوجيه جميع مسؤولي المعاهد التقنية العليا والكليات والمعاهد بالتجاوب الكامل والمباشر مع فرق العمل والخبراء المراجعين المكلفين من قِبل مجلس التعليم العالي أو الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي أو فريق عمل تطبيق خطة آفاق في وكالة وزارة التعليم العالي للشؤون التعليمية، ويشمل ذلك المعلومات والبيانات عن برامج المؤسسة ومبادراتها ومراكزها ومشاريعها والكليات التقنية والمعاهد التقنية العليا ومعاهد التدريب المهني الحكومي والأهلي، وتمكينهم من كل ما من شأنه تحقيق ما يكفل تنفيذ مضامين الأمر الكريم بالصورة والسرعة المطلوبتين. «الشرق» حاولت بدورها التواصل مع المتحدث الرسمي لوزارة التعليم العالي الدكتور محمد الحيزان، ولكنه لم يُجِب على جواله، ما استدعى إرسال رسالة نصية للاستفسار عن العقبات التي حالت دون تنفيذ الأمر السامي الكريم، ولكن دون جدوى. وفي السياق ذاته، كشف المتحدث الرسمي للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني فهد مناحي العتيبي، الذي كان أسرع في التجاوب مع «الشرق» بشأن عدم تفعيل الأمر الملكي، عن بعض التفاصيل وتجاهل أخرى، فقال بعد صدور الأمر الملكي الكريم المتضمن ربط برامج الكليات والمراكز والمعاهد التقنية التابعة للمؤسسة بمجلس التعليم العالي، اقترحت وزارة التعليم العالي تشكيل فريق عمل لدراسة الموضوع وتزويدهم بالمعلومات والبيانات المطلوبة، وأيَّدت المؤسسة ذلك، وتم تشكيل فريق العمل من وزارتي التعليم العالي، والعمل، والمؤسسة، ومجلس التعليم العالي. واقترحت المؤسسة تسمية ضابط اتصال مع إدارة تقنية المعلومات في المؤسسة لتزويد أمانة مجلس التعليم العالي، مباشرة، بكل ما تحتاجه من معلومات وبيانات، فيما لم يكشف العتيبي السبب في عدم إخضاع المؤسسة بالمجلس تنفيذاً للأمر أو العقبات التي حالت دون ذلك.