تزامن منح جامعة الدول العربية مقعد سوريا إلى المعارضة مع حدثين لا يبدو أنهما يسيران في ذات السياق، ويتعلق الأمر أولاً باستقالة رئيس الائتلاف الوطني، أحمد معاذ الخطيب، نتيجة خلافات داخل أكبر كيان سوري معارض، وثانياً برفض بعض قوى الثورة المسلحة الاعتراف بحكومة غسان هيتو المؤقتة. في الوقت نفسه، نجد أن فرنسا قررت تأجيل إمداد معارضي بشار الأسد بالسلاح، ونجد أيضاً أن أصواتاً في الولاياتالمتحدة وعواصم أخرى لا تتوقف عن التحذير من دعمهم بالعتاد العسكري خشية أن يصل إلى عناصر متشددة تحيل مرحلة ما بعد الأسد إلى جحيم. إذاً، ليس مِن ظروف يمكن أن تدفع مكونات الثورة السورية إلى التوحد أكثر من تلك المتوفرة حالياً، خصوصاً أن المدى القريب يحمل تحديين، الأول إدارة شؤون المناطق السورية المحررة بواسطة سلطة مؤقتة، والثاني توسيع مظلة الاعتراف بالائتلاف الوطني كممثل شرعي ووحيد للشعب السوري. لقد بات السوريون في الداخل في حاجةٍ ماسة إلى حكومة حرة تدير شؤونهم وتحافظ على موارد المناطق التي خرجت عن سيطرة نظام الأسد، وهي خطوة تحتاج إلى عمل مكثف وسريع وتستلزم توحداً عملياً يتجاوز مرحلة الاجتماعات خارج سوريا. إنها مرحلة بناء التوافق الحقيقي بين السوريين استعداداً لمستقبل قد يكون قريباً وقد يحمل معه تحديات كبيرة، ولعل الجامعة العربية يمكن أن تضطلع بدور مهم يسهم في صنع هذا التوافق الذي أضحى ضرورةً ملحة، وقد يكون من المناسب في هذا الإطار أن يُعقَد مؤتمر وطني برعاية الجامعة داخل الأراضي السورية المحررة. ولا يخفى على مطّلع أن العالم ينظر بكثير من القلق إلى مستقبل سوريا ومن سيحكمها، وبالتالي فإن تأخر رسم صورة عن سوريا الجديدة يؤدي إلى تعطل العمل الثوري بكل ما يحمله ذلك من مخاطر على الوضعين الأمني والإنساني.