ما مِن مشكلةٍ في: «خالد عبد الرحمن»، ذلك أنّ من حقّهِ، فِعلَ ما شاءَ، في سبيلِ إدارتِه لِلكَيفيّةِ التي سيقضي بِها مستقبلَ ما بَقِيَ مِن عُمُرِه، إذ إنّهُ –كغيرِهِ- إنما يبتغي ما هو خيرٌ وأبقى! فيما تظلّ المشكلِةُ كلُّ المشكلةِ كامنةٌ في: طقسِ تديُّنِنَا المنقوصِ، وهشاشةِ تضاريسِ جغرافيةِ فِقهه، ووقوعهِ تالياً في منخفضٍ عقليٍّ خُماسينيٍّ عميق التّردّي، مع أجواءٍ حارّةٍ، وغائمةٍ، تسودُ المنطقةَ كلَّها بسحبٍ كثيفةٍ مِن استبدادٍ طاغٍ وجهلٍ مركّبٍ، باتَ مرشّحَاً دوماً، في أنْ يضعَنا باستمرارٍ على صفيحٍ ساخنٍ مِن اضطرابٍ (جماهيريٍّ) ملتهبٍ «بالمرّة». ولقد كانَ مِن عِظَمِ شأنِ- هذا الالتهابِ الجماهيريِّ المضطَرِبِ- كفاءتُهُ مطلقاً، في كلِّ نازلةٍ بهذه الأمةِ، مِن أن يقودَ ولا يُقاد، وأنْ يُسيّر ولا يُسَيَّر، وأن يُهندِسَ بعمىً ما يُمكِنُ أنْ نكونَ عليه في المستقبَلِ. بل وعطفَاً على ما مضىَ يمكِن القولَ دونَ مجافاةٍ للصّوابِ: إنّ هذه الجماهير -الرّعاع، هي مَن كانت في الواقعِ والحقيقةِ مَن تتكَفّلُ وعلى عينِهَا بصِناعةِ: (عرّابِيهَا)! من حلوىً باذخة الانتفاشِ، تصنَعُها بكلّ ما في الاحتفاليةِ من زخمِ الاحتفاءِ ب «التّصنيم»، وإذا ما جاعت، فلا تأنف من التهامِها دونَ أن تأبَه بداءِ عُسر الهضم! أوليسَ لها سابق أُسوةٍ بجدّها، ذلك الذي كان يصنع آلهتَه من تمر! وبأيّةِ حالٍ، فإنْ هو إلا مخاضٌ طبَعيٌّ، لطقسِ التدين المنقوصِ، ذلك الذي ما يلبث -وفي أوجِ تقلّباتِه – أن يُنذِرَ بمناخاتٍ مربكةٍ، إذ تأتي محملّةً بعواصفٍ رمليةٍ -عَجاج- تقتلعُ ما قد كان مباركاً من بقايا جذورِ تديّنٍ سويٍّ.بل تكاد مِن شدّةِ عاصفِ رِيحهَا، أن تجتثّ ما فَضُلَ فينا من تديّنٍ راشدٍ، ثّمّ لا يكون له في أرضِنا إذ ذاكَ من قرار! ولقد لَبثنا عُمُراً -جرّاء ذلك الطّقسِ- ونحن لم نكن نعرف فيه مِن فصولِ:«الاستقامةِ» إلا فصلَ خريفٍ، قد عمِلَ فينا شرّاً، إذ طَفِقَ يَحُتُّ كلَّ أوراق سِترِنَا، الأمر الذي بتنا معه نَتعرّى المرةَ تلو الأُخرى! و إنّ من صورِ ذلك التعرّي ما يلي: *مفحّط -عربجيٌّ بامتياز- لم يَمضِ على تركهِ هذا السلوك المشين إلا بضعةَ أسابيعٍ هِزال، وإذ بنا نجعل منه: «واعظاً»،معَ أنَّه للتّو بَدا يُحسِن شأنَ الوضوء وإزالة الخارجِ من السبيلين أو الثلاثةِ حتّى! قارنهُ بالحسنِ البصري مع فقههِ المسدّدِ، والذي لم يكتَفِ بذلك وحسب، وإنما أنفقَ زمناً طويلاً ابتغاءَ تهيئتَهُ القلبيّة، رجاءَ أن يجدَ نفسَه أهلاً لشرفِ الوعظ. *صاحبُ (روم/كامات بالنت) وهو الآخرُ وبنفس مسرحة الأحداث، إن هي إلا أيام معدوداتٍ، ونفاجأ به يضعُ -لأبناء المسلمين- منهجاً تربوياً، وذلك برسمِ استراتيجيةٍ طويلةِ المدى، في أمرِ التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي الجديد، ديانةً وفقهَ سلوك. *حديثُ عهدٍ بالمعاكساتِ، لم يرضَه لأختِهِ أخيراً- ووفق التعبيرِ السائد فلقد كانَ مغازلجيّاً- من طرازٍ نادرٍ، ظَفِرْنا به عقبَ مُضي شهرين ونصفِ الشّهر، وقد أضحى: «نجما» يتصدّرُ المنصاتِ، وتتخطّفُهُ الشاشات-والتلفونات- معنيّاً بحلِّ المشكلات النسائية وعلى مختلف الأعمار والحالات والمقاسات! *مغنٍ سابق عقب توبتهِ افتقدناه لأقل من سنةٍ، ولقد كان من أشد ابتلاءاتِه -ومن هو على شاكلتِه- مفارقةَ الجمهور، والبعد عن مظاهر التصفيق –آسف أعني التكبير- ذلك أنهم يأنفونَ العيشَ في الظلّ، في حين أنَّ أجواء تديننا -المنقوصِ- تتعهّد بإعادتهم إلى بؤرةِ الضوءِ وبامتيازٍ فاقعٍ، وباكتظاظ حضورٍ مدهش. المهم التقينا هذا -المغني السابق- وهو لا يفتأ يّنظّرُ للجهاد تأصيلاُ وفقهاً.. ويتعاملُ مع مناطاتِ التنزيلِ، واعتبارِ المآلات، مثلما كان يتعاملُ قبلاً مع عودهِ عزفاً! وأكيد في ذاكرةِ كلّ أحدٍ منكم أكثر من أنموذجٍ تأتي على منوالِ ما ذكرت. الخلاصة: يا خالد عبد الرحمن .. لا تطير بعجّة ربعِنا.. والتدّينُ الراشد جميلٌ.. وأعانك اللهُ على أنْ تعرفَ نفسكَ جيداً.. و احذر أن تتحَرّك إلا فيما تتيحُه لك إمكاناتك .. فلتبق إذن :» مُنشِداً» وكفى.