حينما تتحول المقولات الفكرية أو الثقافية أو الروحية إلى مسلمات لمجرد حالتها الفكرية التي نتجت عنها في وقتها، فإننا أمام تجميد ثقافي يمكن أن يحصل من أكثر الأفكار تحركا وتغيرا وإيمانا بالتحولات المفاهيمية والنقدية، فكما هي التقليدية الاجتماعية، فإن لدينا تقليدية ثقافية، وهي التي تعجز عن تجاوز ذاتها، أو تؤمن بمقولاتها الثقافية ولا تخضعها لحالة النقد أو التساؤل، هذا غير حالة التصنيم الثقافي لأسماء ثقافية أو دينية والتي يمكن أن تحصل جراء التقادم الزمني أو الفكري. إن النقد في رأيي هو وقاية فكرية من حالة الجمود أو التسليم المطلق فلا فكر أو حزب أو مذهب ليس تحت النقد، فالإسلاموية والليبرالية والعلمانية والديموقراطية والحداثة والتقليد وغيرها كلها أمام مشرط النقد الفكري، ومن يرفض نقد أي فكر أو اتجاه أو حالة اجتماعية أو فكرية لأي سبب كان، فإنه يحيل تلك الأمور كلها أو أحدها إلى «صنم فكري»، إذ أن طبيعة الأفكار الحياة والموت مثلها مثل الإنسان لارتباطها به ارتباطا جذريا. ما دعاني إلى هذه الكتابة هو رفض النقد للرؤية الجماهيرية أو الرؤية الثورية، ووصف من ينتقدها بالنخبوية أو «الفلولية» إذا جاز التعبير فكما أن الأفراد يخطئون فكذلك الجماهير تخطئ، وبل يمكن القول إن الخطأ الفردي يمكن أن يتداركه البعض لكن أن تخطئ أمة فهذه تحتاج لسنوات طويلة من التصحيح. كما يمكن أن ننتقل من حالة التصنيم الفردي للأشخاص والمقولات إلى تصنيم جماهيري أي رفض نقد إرادة الجماهير لكونها اختارت اتجاها معينا، ومع أهمية إقرار حقها في اختيار المصير إلا أن ذلك لا يعني عدم نقدها، فللآخرين حق النقد، ورفض هذا النقد لمجرد الإرادة الشعبية هو تصنيم ثقافي جديد يمكن أن ننساق له من غير وعي، كما يمكن أن يسمح للبعض أن يتلاعب بمصير الشعب باسم تحقيق رغبة الشعب، فلا يمكن مثلا أن ندخل في مواجهة حربية غير متكافئة مع دول أخرى لمجرد تحقيق رغبة الشعب أو أكثره لإعادة الجهاد مثلا في مكان ما من العالم أو تغييب حرية التعبير لأن الحرية هذه حق للإنسان، والحقوق كما هو معروف لا تسقط بالتصويت. للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز /// مسافة ثم الرسالة