* * * * * * * * * القاهرة – علي القربوسي هنا للأمل معنى آخر، وللحلم مفردات كثيرة، لكن للحياة معنى واحد، هو العذاب البطيء، كما يجمع أبناء حي جامعي القمامة في العاصمة المصرية القاهرة. أول ما يتبادر إلى سمعك اسم حي جامعي القمامة، تنفر من الاسم، ويتكون في ذهنك مشهد لكم كبير من القمامة والروائح الكريهة، لكنك تتعجب حينما تعرف أن هذا الحي الواقع في منطقة منشية ناصر هو أحد المزارات التي يطلب كثير من السياح زيارتها في مصر، لأن له صيتاً عالمياً. ويعد حي جامعي القمامة، أو كما تقول العاميّة المصرية «حي الزبالين»، أحد أكثر الأحياء تلوثا في غرب القاهرة، ويعيش سكانه على جمع القمامة وفرزها ثم بيعها حسب نوعيتها، وهم يمثلون نموذجا يبدو غريبا في قدرة الإنسان على التكيف مع بيئته المحيطة، ومثالا لمستوى الانحدار المعيشي في بعض مناطق مصر هذه الأيام، إذ أصبح بعض المصريين المقهورين بحاجة للمتاجرة حتى في القمامة لتأمين قوت يومهم. ويضم «حى الزبالين» شوارع ممتدة لمئات الأمتار وما يقرب من 1500 ورشة لإعادة تدوير البلاستيك، ترشدك رائحة آلاف الأطنان من القمامة إلى أحد أفقر أحياء القاهرة. هنا لم أستعمل الكاميرا كثيراً، كنت أعلم جيدا أن صور العالم لن تستطيع رواية حكايات العذاب والفقر، هنا المرض والوجع والموت أمور محتمة ولكن ببطء وعذاب، هنا يموت الناس كل يوم ألف مرة، هنا للطفولة شبه كبير بالشيخوخة، هنا أنت في حضرة «الزبالين». وترتفع نسبة الإصابة بفيروس «سي» بين سكان الحي، الذي يضم 37 ألف نسمة، بسبب القمامة المحيطة بهم، فلا تجد «خرم إبرة» في الحي يخلو من المخلفات والبعوض. هنا ينعدم الوعي الصحي وتغيب المرافق الطبية، حيث لا توجد وحدة صحية أو مستشفى علاوة على عدم وجود نقطة شرطة أو حتى مطافئ مما يعرض حياة القاطنين للخطر دائما، لا تستغرب، إنك هنا في الوجه الآخر لمصر أم الدنيا.