رغم الآراء الصحيحة التي كشفت عنها اللامدرسية الا أنها افتقدت إلى الجانب التطبيقي، والحقيقة أن اللامدرسية أتت بعد الفلسفة الطبيعية التي نادت بأهمية التعليم الذاتي – كما ذكرت في العدد السابق، وعقب اللامدرسية أتت أفكار ودعوات تطويرية لأنظمة التعليم من جهة ولدور المدرسة كوسيط تربوي من جهة أخرى، كالدعوة إلى أنموذج بناء مدرسة المستقبل كدعوة توافقية بين الدعوة إلى اللامدرسية وقيمة المدرسة التي لا أحد ينكر دورها في المجتمع منذ أن كانت . ومن وجهة نظري أن أي دعوة تطويرية ينادى بها والأخذ بها والنسف لما سواها هي دعوة محفوفة بالمخاطر، فالواقع التربوي يفرض نفسه على أي خيالات إبداعية وإن كانت خلاقة في شكلها لسبب بسيط أن مخرجات التعليم لا تظهر على المدى القصير ولكن نتائجه الحقيقية لا تتحقق أو تظهر إلاّ على مدى بعيد، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن واقعنا التربوي وخصوصية مجتمعاتنا والسياسات التربوية المعمول بها تفرض وتطوع التجارب وأي محاولات وفقاً لهذه المحددات العامة . والحقيقة أن هذا ما أرهقنا من واقع التجريب غير المدروس والتطوير الشكلي دون التطوير في المحتوى والجوهر التربوي. فرغم أن العالم أصبح قرية صغيرة وأصبحت المعرفة متداولة عبر الجميع في أوعية غير مدرسية كوسائل الإعلام وانتشار المحطات الفضائية وشبكة الإنترنت والمعلوماتية اللامحدودة الاّ أن تطويرنا أصبح شكلياّ في حذف أو إضافة وحدات من المنهج الواحد، أو حذف أو إضافة مناهج دراسية، تعديلات في المبنى المدرسي أو في الهيكل التنظيمي للمؤسسة التعليمية ..وعلى هذا دواليك ، ولم نستفد حقيقة من كل هذا التطور والعالمية والتقنية إلاّ الشيء اليسير في واقعنا التعليمي المدرسي بشكل خاص . وأصبحت هذه الأوعية غير المدرسية هي، المسيطرة والمهيمنة والفاعلة في سلوك النشء والشباب .