كشف الباحث والمؤرخ السعودي، راشد العساكر، ل «الشرق» أن إيران تحاول إقامة مركز عالمي للتراث الإسلامي حتى تكون مرجعاً مهماً، مبيناً أنها تجمع التراث الإسلامي في العالم العربي، وتقوم بتصوير التراث والمخطوطات المنتشرة، ولديهم مكاتب ضخمة، مثل المكتبة الربوية «بمدينة مشهد» التي تحتوي على عشرين ألف مخطوطة، كذلك مكتبة «المرعشي» وهي من أهم المكتبات، ويملكون جزءاً كبيراً من المخطوطات العراقية. واستطرد العساكر إلى القول إنَّ إيران أدركت أهمية التراث الموجود في الهند، وحازت قصب السبق على الدول العربية، فبذلت جهوداً جبَّارة للحصول على المخطوطات من الهند، تصويراً، وترميماً، ونشراً. وبيَّن العساكر أنه كان لدى وزارة التعليم العالي السعودية مشروعٌ لصيانة وتصوير المخطوطات العربية والإسلامية في الهند، ففرحنا به، واستبشرنا، وتم رصد ميزانية تقدر ب20 مليوناً، إلا أنه تم إلغاء هذا المشروع وإيقافه لأسباب غير معروفة. وبيَّن العساكر أن الإيرانيين أنشأوا مركزاً كبيراً في العاصمة «دلهي» منذ أكثر من عشرين سنة، وقد صوروا من خلاله أكثر من 15 مكتبة في الهند، من أبرزها المكتبة الآصفية، والمكتبة الناصرية، وبلغ عدد المجلدات المخطوطة المصورة أكثر من أربعين ألف مجلد مخطوط، وأصدروا فهارس لهذه المخطوطات باللغة الفارسية، إضافةً إلى عنايتهم بشراء المخطوطات والوثائق الأصلية، الفارسية منها، والعربية، واقتنوا منذ تأسيس المركز إلى يومنا هذا أكثر من خمسين ألف مخطوطة، ومازال العدد في تزايد؛ كون الهند ملأى بالمخطوطات الإسلامية، وكانت اللغة الفارسية لغة الدولة إبَّان حكم المغول لها. كذلك لفت العساكر إلى توجُّه إيران إلى تصوير الوثائق الإنجليزية في الأرشيف الهندي، التي تحتوي على مادة ضخمة من المعلومات والأخبار السياسية والتجارية والرحلات الخاصة بشبه الجزيرة العربية وبلاد الخليج العربي في الفترة (1748-1947)م، التي يعز وجودها في أي مكان آخر. ولمكتبات الهند ميزة أخرى تفيد باحثي الجزيرة العربية، وهي احتواؤها على مخطوطات كثيرة جُلبت من الجزيرة العربية، منها ما هو بخطوط نُسَّاخِهَا، أو عليها تملكات علمائها، حيث أنَّ كثيراً من أمراء الهند وعلماءَهم كان لهم وكلاء في الجزيرة العربية يجلبون لهم المخطوطات وينسخونها، إضافةً إلى ذلك ذهاب كثير من أهل نجد إلى الهند لطلب العلم، أو الاسترزاق، وغير ذلك، وقد أخذوا معهم كتبَهم، ونسخوا كتباً أخرى هناك.