علق رئيس لجنة الشعر الشعبي في مهرجان الجنادرية الوطني للتراث والثقافة صابر بن عابر العنزي، على ما ذكره أمين عام ملتقى المثقفين السعوديين الثاني محمد رضا نصرالله ونشر في جريدة الشرق عدد رقم «26» بتاريخ 30 ديسمبر 2011م حول غياب الشعراء الشعبيين عن الملتقى بقوله: أن الشاعر الشعبي ليس غائبًا ولكنه موجود تحت عنوان المأثورات الشعبية التي تضم التطريز والنسيج وكل ما ينطبق عليه النتاج الثقافي غير المادي وأن مكانه (مهرجان الجنادرية) وليس هذا الملتقى الذي يخطط للمستقبل الثقافي، وذلك ردًا على سؤال مندوب الصحيفة حول سبب عدم دعوة شعراء شعبيين للمشاركة في الملتقى. وبدءًا فإننا نرحب بصدور جريدة الشرق التي تشكل إضافة جيدة للإعلام السعودي ونتمنى لها النجاح والتوفيق ثم إننا نستغرب أن يصدر هذا الحديث من الرجل الذي يتولى تحديد مسارات واتجاهات هذا الملتقى لمناقشة المسائل المتعلقة بالشأن الثقافي داخل الوطن. فالحديث لا يعبر عن فكرة منسجمة ومنطق واضح فهو يضع الشعر الشعبي بجانب النسيج والتطريز دون أن يوضح الرابط بينها ثم يلقي به في ساحة المهرجان الوطني للتراث والثقافة بنظرة دونية وإسقاط غير مباشر على جهود المهرجان الذي وصفه «بمهرجان الجنادرية» دون أن يذكر اسمه الكامل «المهرجان الوطني للتراث والثقافة» أي مهرجان الوطن الذي يعبر عن التنوعات الفكرية والثقافية الشاملة وليس تلك النشاطات التراثية في قرية الجنادرية فقط التي هي محل الفخر والاعتزاز بكل تأكيد، ولتذكير الأخ نصر الله نقول: إن المهرجان الوطني للتراث والثقافة تحت رعاية وتشريف واهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – يحفظه الله – هو الذي حمل لواء الثقافة بما ينضوي تحت ظلاله من آداب وفنون وفكر وتراث وإبداعات مادية ومعنوية وذلك منذ 28 عامًا أي قبل أن تنشأ وزارة الثقافة التي اقترنت بالإعلام، بل إن من ثمرات المهرجان هذا الملتقى الوليد الذي يزعم نصر الله أنه يخطط لمستقبل الثقافة رغم أنه لم يشمل كل ألوان الطيف الثقافي بالمملكة ولم يدع له العديد من رموز الثقافة كما استبعد أهم مصادرها وركائزها وهو الشعر الشعبي الذي يعد كنزًا ثقافيًا ثمينًا وديوانًا تراثيًا لا يستغني عنه الباحثون في أصول الثقافة الشعبية وما تحمله من صور صادقة لحياة الأجداد وحضارتهم وتجاربهم مع ظروف الحياة القاسية التي جعلت إبداعاتهم تنبثق في صور رائعة من الحكم والأمثال التي مازلنا نتداولها ويأخذنا سحر بيانها حتى هذا اليوم الذي يعج بمعطيات التكنولوجيا والانفتاح الواسع على الثقافات والعلوم. وقد نلتمس للأستاذ نصر الله العذر كونه ليس من المتعمقين في مجال البحث والتأصيل إذ لم نر له مؤلفًا واحدًا في هذا الجانب بل في الشأن الثقافي بشكل عام. ثم إننا نسأله باعتباره أحد المعايشين والمشاركين في فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة والمتابعين لبرامجه كيف ضاقت مساحة المهرجان أمام عينيك لتختزلها في الشعر الشعبي!؟ وهو النافذة التي يطل منها العالم على ثقافة المملكة وتراثها وماضيها الجميل وحاضرها المزدهر ألم تر كيف تتنوع النشاطات فيه حتى شملت كل ما يدخل تحت مظلة الثقافة بشكل عام؟ وإنه لم يتخصص الشعر الشعبي إلا حقه المستحق في سلم الفعاليات اعترافًا بمكانته كمصدر ومرجع لمرحلة زمنية مهمة في تاريخ الوطن وكمجال إبداعي له عشاقه ومريدوه كما هي الحال في جميع الأوطان ولدى جميع الشعوب، بل إن المهرجان استطاع أن يحقق وبجداره توازنا بين ألوان الثقافة ويقدمها في سلال متنوعة للمتذوقين مراعيًا كل الاهتمامات والاتجاهات والرغبات، بل أنه أتاح فرصة الظهور لجميع المبدعين في داخل الوطن ومد جسور التواصل بينهم وبين من يشاركونهم الحس الثقافي على امتداد المعمورة، كما كرم الرموز الثقافية كل في مجاله وشمل باهتماماته المرأة وأبرز قدرتها على العطاء والإبداع وخدمة الوطن. وختم العنزي حديثه قائلاً: كم كنا نتمنى ألا يصدر مثل هذا التصريح من رجل يحسب على ثقافة الوطن بل إننا نتمنى ونتأمل مراعاة المنهجية الفكرية والأساس المنطقي عند الحديث عن جوانب الشأن الثقافي الذي تلتقي أغصانه في جذر واحد يرتوي من تاريخ الوطن الأصيل وماضيه الجميل وحاضره المزدهر تحت مظلة المهرجان الوطني للتراث والثقافة الذي أصبح ولله الحمد صرح تهوي إليه أفئدة المثقفين من كل أنحاء العالم ومقصدًا للدول الشقيقة والصديقة التي تتسابق على أن تكون الدولة المرشحة التي يستضيفها المهرجان كل عام.