أصيب الصحفيون المتعاونون بخيبة أمل كبيرة بعد أن خسروا دعم وزارة الثقافة والإعلام لمطالبهم وحقوقهم، وتظلمهم من المؤسسات الصحفية التي يتعاونون معها، وهي حقوق مشروعة لعاملين منتجين ومبدعين في أدائهم الصحفي، ولم تلتفت هيئة الصحفيين السعوديين التي أملوا في وقوفها معهم لنيل تلك الحقوق، فكان نصيب تلك المطالب بين الوزارة والهيئة، التسويف والتأجيل، والحقيقة أن خيبة الأمل هذه أصابت الجميع، أصحاب الحقوق، الذين تحمسوا لهم، وتعاطفوا مع قضيتهم، والمطالبة بإنصافهم، عدد كبير من الأدباء والإعلاميين وقّعوا على بيان التضامن. الصحافة السعودية منذ نشأتها، منذ صحافة الأفراد في الثمانينيات الهجرية، وبعد ذلك عهد المؤسسات الصحفية اعتمدت الصحف منذ بداياتها على الكفاءات والمواهب الصحفية غير المتفرغة، كمحررين صحفيين، ومراسلين ومندوبين، وكُتّاب التحقيقات الصحفية والرأي، وكذلك المشرفون على الصفحات المتخصصة الفنية والثقافية والاقتصادية والمحليات. واعتمد رؤساء التحريرعلى عطائهم وإنتاجهم، الذي كانت لا تنقصه الحرفية الصحفية، ومهنيتهم العالية في تقديم مادة صحفية تسهم في استقطاب اهتمام القراء، بطرحهم قضايا اجتماعية ومحلية وثقافية لامست هموم الناس، وسلطت الضوء على عناوين مهمة وبارزة،. إذا لم تكن تلك الفئة من الصحفيين غير المتفرغين الأكفأ والأجدر، فهم على الأقل الأكثر عطاءً وإنتاجاً، والأخلص في أداء ما يُوكل إليهم من مهام مع أنه لا يربطهم بالصحيفة التي يتعاونون معها بإخلاص، لا قرار إدارياً ولا عقد عمل يوفر لهم أمنهم الوظيفي، ويضمن حقوقهم، وهم يعلمون أنهم معرضون- في أي وقت- للاستغناء عن عملهم، دون إبداء الأسباب أو المبررات مع أن التفاني والإخلاص ميزة تتوافر في الموظف غير المُثبّت أو الضامن لوظيفته، لأنه يؤدي عمله باجتهاد لإثبات جدارته وكفاءته، وهذا يفسر ظاهرة بروز الصحفيين المتعاونين مع صحفهم، ويتقاضون مكافآت مقطوعة على عملهم فيها. وهو عمل مهني احترافي ينافس بكفاءة إنتاج الصحفيين المعينين في الكادر الوظيفي للمؤسسة الصحفية نفسها، بل يوجد فيهم مَنْ هم أكثر ولاءً للصحف التي يتعاونون معها، وتمثلهم الصحفية المتميزة شمس علي التي تقود حملة مطالب الصحفيين المتعاونين، وقد عرفت حماسها ونشاطها. كانت لي تجربتي الصحفية منذ دراستي الثانوية، مراسلاً ومحرراً، ثم مشرفاً على تحرير الصفحات الثقافية وكاتباً متعاوناً، ورئيس تحرير مجلة متخصصة، وعملت مع كل الزملاء، وكنت أشعربمعاناة الصحفيين المتعاونين، الذين يفتقدون أمنهم الوظيفي، وما يؤمن مستقبلهم، فمن أبسط حقوق كل إنسان أن يشعر بالاستقرار والعدل والمساواة، وحقه في انتمائه الكامل لمؤسسته التي يعمل فيها، وإذا لم تقف وزارة الثقافة والإعلام وهيئة الصحفيين إلى جانب كل صحفي متعاون متظلم، فمَنْ الذي يمنحه أبسط حقوقه؟