تفقد عضوا هيئة كبار العلماء المستشاران في الديوان الملكي، فضيلة الشيخ عبدالله المنيع، وفضيلة الشيخ عبدالله المطلق، أعمال التنقيب والتأهيل، التي تنفذها الهيئة العامة للسياحة والآثار، في مواقع أثرية وتراثية في محافظة العُلا. وشملت الزيارة موقع المابيات الأثري (مدينة قرح الإسلامية)، وجولة في موقع الحجر (مدائن صالح)، وتضمنت مباني سكة حديد الحجاز، ومتحف مدائن صالح، والقلعة الإسلامية، والواجهات الصخرية في الموقع، إضافة إلى مواقع التنقيبات الأثرية، والمعالم المكتشفة، والالتقاء بالفريق العلمي السعودي الفرنسي للتنقيب الأثري، كما شملت المعالم التراثية في بلدة العلا القديمة، ومتحف محافظة العُلا، والتنقيبات الأثرية في موقع الخريبة. وأعرب المنيع عن سعادته بزيارة تلك المواقع الأثرية، والاطلاع على جهود الهيئة في المحافظة على المواقع الأثرية وتأهيلها في مناطق المملكة العربية السعودية، داعياً إلى مواصلة الجهود في هذا المجال. وأكد «أن تلك المواقع والكنوز الأثرية، هي في الواقع محط حضارات سابقة، وفي الوقت نفسه هي محل عبرة وعظة، وزيارتها تعطي كثيرا من التأثر، وكذلك التعلق وتقوية الإيمان بالله». ودعا المنيع زوار المواقع الأثرية إلى «تقدير هذه الثروة الأثرية»، متسائلاً: «لماذا يأتي من يشوهها ويعبث بها؟»، معتبراً من يقوم بأعمال التشويه والعبث بالآثار «مقصر في حق بلده، بل هو عابث بما يتعلق بمصالح البلاد، وعلى إخواننا أن يعرفوا أن الآثار الآن في العالم أجمع تعتبر من أعظم الكنوز التي تفخر وتعتز بها، فالآثار في أي بلد تدل على حضارتها»، معرباً عن أسفه من عبث البعض في الآثار، مطالبا إياهم بالمحافظة عليها وأن يشعروا بأن هذا ملكهم وأنها لهم. وأشاد المنيع بما شاهده خلال الزيارة، وقال «رأينا آثاراً جيدة من التنقيب عن القصور، ورأينا آثار هذه القصور، كما رأينا أساساتها وتفاصيل غرفها والطرق التي هي محل عبور فيما بين ساكنيها، فلا شك أنه مجهود مشكور، وسيعطي تفسيراً جيداً لكتاب الله في قوله سبحانه وتعالى «وتتخذون من سهولها قصوراً»، مشددا على أن «محاولة البحث الفردي عن الآثار، وتشويه الآثار ونبشها وتخريبها وسرقتها، تلاعب واعتداء على مصلحة البلد»، مطالباً الجهة المختصة «بمتابعة الحفاظ على هذه الآثار، ومعاقبة من لا يرعى ولا يقدر مصلحة بلاده في اعتبار هذه الثروة الأثرية عزاً له ولبلاده». من جانبه، أوضح المطلق، أنه اطلع، خلال الزيارة، على حضارات متعاقبة في هذه البلاد (الأنباط، اللحيانيين، وثمود)، معتبرا أن جهود الهيئة في المحافظة على هذه الآثار «محافظة على آيات وعِبَرْ، فإن الله ذكر في كتابه الكريم هذه المواضع وغيرها، وجعلها آية لعباده المؤمنين بأن يسيروا في الأرض فينظروا كيف كانت الأمم قبلهم». وأكد المطلق أن «قراءة التاريخ والآثار تبعث العبرة، وتحفظ التاريخ، وتخبر الأمة بماضيها العتيق، لتنشره وتصححه وتفاخر به»، مضيفاً أن «ما في هذه المواقع يصحح مسيرة التاريخ عن الأمم البائدة مثل دولة الأنباط، ودولة اللحيانيين وغيرهما، حيث أننا لا نرى ذكراً شافياً لها في مصادر التاريخ القديمة، وعسى أن نجد من أبنائنا ممن ينقبون عن المعلومات التاريخية في المصادر التاريخية ما يُغني ويُصحح»، مثنيا على الجهود في إبراز هذه الجوانب «بما يتماشى مع المنهج الشرعي الذي يبعث على فهم التاريخ ودراسته للعظة والعبرة، والاستفادة من التجارب، وحفظ المعلومات وبنائها على أسس علمية متينة». وقال «إن كل هذا يضر ويفسد وثائقية الآثار، فهؤلاء يجهلون قيمتها ويسيؤون استخدام زياراتهم للمواقع الأثرية»، واصفاً ما يقوم مخربوا الأثار بأنه «خيانة وتعدٍ، وضد حفظ هذه الآثار باعتبارها وثائق تاريخية حضارية يجب أن نحسن استغلالها، وأقول لهم إنهم إن أفلتوا من العقوبة في الدنيا فإنهم لن يفلتوا من العقوبة في الآخرة، لأن الدولة قد خسرت الأموال، ووظفت الرجال، واشتغلت لحفظ هذه الأدلة التاريخية». وأكد أن التعدي على الآثار هو تعد «على ثروات حكومية، وأموال وموروثات شعبية لأهل هذا البلد المبارك». ووجه رسالة لمن يسعى لتخريب الآثار، «احذروا أن تقعوا في ذنب وأنتم لا تشعرون، خصوصاً أن الجهات الحكومية تعمل جاهدة لحفظ هذا التراث وتنقيته»، داعيا إياهم إلى التبصر والتعقل، وأن يكونوا عوناً «في حفظ هذه المكارم والأدلة التي هي من مفاخر هذه البلاد، فكل بلاد تفخر بآثارها وتستغلها في العظة والعبرة، وقدم التاريخ، وحفظ سجلات الحضارة». المنيع والمطلق يستمعان لشرح عن أعمال التنقيب في مدائن صالح (الشرق)