في ليلٍ نجديٍّ قارس البرودة، التزمتْ فيه الخطى بعددٍ لا يفوق مستوى الحركة على سطح احتياجات بسيطة من طعامٍ يمدّ الجسم بالطاقة المطلوبة وشرابٍ يبعث على الدفء واحتياجٍ لهنيهة نوم ٍ يستعيض بها الجسد عما فقده على درب كسب متطلبات الحياة. في مثل ذاك الليل تتناثر حكايات بين الزمان والمكان تجمّل هذه الاحتياجات اليومية بل تُخرجها عن عاديتها إلى طقس آخر أشدّ وطأة. ارتبطت الحكايات بالليل، ويحلو الأنس عندما يكتمل القمر بدراً، وفي هذه المرحلة من التكوين يشكّل القمر ارتباطاً آخر بليالي المحبين الذين يلجأون إليه ليقلّل من لوعتهم . هذا الإحساس بالطبيعة وإن كان ساكناً أو كان الناس عنه في شُغلٍ مغمورين إلا أنه يتدانى إلى الذاكرة بين الحين والآخر. تأخذ الإنسان الحياة أحياناً ولكن لا بد من رجوع إلى قرارة النفس ليكتشف المرء أنّ من بين ذكرياته أشياء أخرى تذوي وينطفئ بريقها مثل خفوت النجوم مع اكتمال القمر. كلٌّ يحس بالليل على طريقته الخاصة، ولكني أناجيه الآن كما فعل ابن زيدون :»ياليل طُلْ لا أشتهي إلّا بوصل قصرك، ياليل طلْ أو لا تطل لا بد لي أن أسهرك، لو بات عندي قمري مابتُّ أرعى قمرك، ياليل خبّر أنني ألتذّ عنه خبرك، بالله قُلْ لي هل وفى فقال لا بل غدرك».