شيّعت جماهير الفلوجة ستة شهداء سقطوا في تظاهرة جمعة «لا تراجع» صباح أمس، فيما توفي أحد الجرحى متأثراً بجراحه، ليرتفع عدد الشهداء إلى سبعة مقابل أكثر من أربعين جريحاً. وانتهى البرلمان العراقي إلى تشكيل لجنة تحقيق في أول احتكاك بين المتظاهرين وقوات الجيش، التي أكد الشيخ علي حاتم السليمان أنها قوة قادمة من بغداد، فيما هاجم المرجع الديني البارز الشيخ عبدالملك السعدي رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، متهماً إياه بتنفيذ «أمر دبّر بليل من قِبل أسياده لإشاعة الفتنة الطائفية»، في إشارة ضمنية إلى النفوذ الإيراني في العراق. السعدي يهاجم وفي ثلاثة بيانات متتالية أصدرها السعدي بعد صلاة الجمعة في الأنبار ووُزعت على نطاق واسع في محافظات بغداد وديالى وصلاح الدين ونينوى والأنبار، حصلت «الشرق» على نسخ منها، اتّهم المرجع السني البارز المالكي بأنه «يؤصل لزرع الطائفية والكراهية بين العراقيين»، متسائلاً «لماذا يا مالكي تفتح قواتُك النارَ على الآمنين العابدين؟ لماذا هذا الاستفزاز الصارخ للمطالبين بحقوقهم المشروعة؟ ولماذا هذا الاعتداء على الثائرين لشرفهم وكرامتهم؟ أمَا فكرت قليلاً في أنك تنوي فعلَ ذلك مُسبقاً، وأنك فضحتَ نفسك بما أنت فاعلُه؟!». ودعا السعدي المتظاهرين إلى الاستمرار في اعتصامهم، محذراً من المندسين في صفوفهم، على أن تبقى تظاهراتهم سلمية، مؤكداً أنه «حان الوقت على جميع السياسيين من وزراء ونواب وقضاة وغيرهم أن ينسحبوا من العملية السياسية ويعلنوها صريحة في وجه الظالم، فالتاريخ لا يرحم». فيما وجّه الشيخ السعدي ما وصفه ب»همسة عتاب» إلى شيوخ عشائر الجنوب في بيانه الثاني، بقوله «لا تتركوا إخوانكم في المحافظات الأخرى وحدهم في ميدان المطالبة بحقوقكم المسلوبة». وفي بيانه الثالث، دعا الشيخ السعدي المرجعيات الدينية في النجف وكربلاء للعمل وفقاً للقاعدة الشرعية «أن لا تأخذنا في الحقّ لومةُ لائم.. على حساب الضرر العام وإهدار حقوق الشعب المنهوك في جميع البلاد». إطلاق النار بحجة القاعدة وفي هذا الإطار، كشفت مصادر أمنية ل»الشرق» أن الواجب الذي كُلفت به القوة العسكرية التي دخلت ساحة الاعتصام تمثل في اعتقال حمَلة أعلام تنظيم القاعدة السوداء، فأخذ المتظاهرون يرمون الحجارة على السيارات، فرد أفرادها برمي الرصاص لتفريق المتظاهرين منعاً لهروب الأشخاص المطلوبين، مما جعل أمر القوة الذي كان يراقب الموقع بمنظاره المكبر يأمر بانسحابهم وفشل مهمته في القبض على عناصر تنظيم القاعدة الموجودين في التظاهرة. وفي هذا الإطار، دخلت قوة من تنظيم القاعدة من الأراضي السورية إلى مدينة الرطبة الحدودية، وثبّتت علمها الأسود وسط المدينة بعد أن شهدت نوعاً من الاستعراض العسكري لأفرادها في شوارعها. في المقابل، قامت مجاميع من «عصائب أهل الحق» المنشقة عن «جيش المهدي» الذي يقوده رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، باستعراض عسكري في مناطق غرب وجنوب غرب بغداد، في استعداد واضح لتحديات انطلاق تظاهرات الجمعة من مناطق اليرموك والعامرية إلى خارج السياج الكونكريتي المحيط بهاتين المنطقتين. تحذير من مخاطر وتعتقد المصادر الأمنية في حديثها ل»الشرق» أن بعض الجهات المؤيدة لكلا الجانبين من مليشيات شيعية أو تنظيمات مسلحة تابعة لتنظيم القاعدة بنشر تحذيرات تحت مختلف المسميات على موقع التواصل الاجتماعي «الفيسبوك» تحذر فيها من خطورة الأيام المقبلة، وفي أحد النداءات تحت عنوان «إلى كل أهلنا في كل مناطق العراق من شيعة علي بن أبي طالب» وصفت الأعداء بأنهم جبناء ديدنهم الغدر لا المواجهة.. وأنهم سيستخدمون السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة والعبوات المزروعة واللاصقة وتفخيخ الأطفال والمجانين والحيوانات والدراجات بأنواعها «كإشارات واضحة لأعمال تنظيم القاعدة التي عُرف بها في عموم العراق، ودعا كاتب النداء إلى تشكيل مجاميع من شباب المناطق لحماية مناطقهم» حسب نص النداء. وفي الموصل، هدّد متظاهرو ساحة الأحرار بقطع شوارع رئيسة في المدينة ومنها شارع بغداد الذي يقع جنوبي الموصل، وقال غانم العابد المتحدث باسم متظاهري ساحة الأحرار، «إن المتظاهرين هدّدوا في حال عدم استجابة الحكومة لمطالبهم فسيلجأون خلال الأيام القليلة المقبلة إلى النزول إلى شوارع المدينة، وسيقومون بقطع الشارع الرئيس والدولي المعروف بشارع بغداد جنوبي الموصل المؤدي إلى العاصمة بغداد». سحب ثقة سياسياً، قرّرت كتلة العراقية في مجلس النواب اقتصار حضور نوابها على جلسات المجلس التي تؤدي إلى سحب الثقة عن حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي، وتلت المتحدثة الرسمية باسم كتلتها النائبة ميسون الدملوجي، بياناً للكتلة في مؤتمر صحفي حضرته «الشرق» أمس، أعلنت فيه أن نواب العراقية سيقتصر حضورهم أيضاً على جلسات التصويت التي تخص القوانين والقرارات التي تستجيب للمطالب الشعبية وتزيل فتيل الأزمة وتضمن العدالة والأمن والاستقرار. ودعت الدملوجي في بيانها، الكتل السياسية الأخرى إلى «تحمّل المسؤولية الوطنية والدستورية لوضع حد للنهج الاستبدادي والامتثال للعدالة ومبادئ الديمقراطية وتحمل المسؤولية في الاستجابة للمطالب الشعبية المشروعة». وانتقد البيان الحكومة «لعدم الاستجابة للمطالب المشروعة، بل إنها ذهبت بإقحام الجيش في مواجهة المتظاهرين الذين خرجوا للتعبير عن رأيهم». وكانت القائمة العراقية حمّلت التحالف الوطني مسؤولية ما وصفته ب»تصرفات رئيس الوزراء نوري المالكي التي أدت إلى التدهور المفاجئ، ورأت الكتلة في بيان لها مساء الجمعة أنه «لا جدوى من الحوارات ما لم يتم استبدال المالكي الذي بات وجوده خطراً على وحدة العراق واستقراره»، مطالبة بسحب قوات الجيش والشرطة الاتحادية واستبدال قوات من الشرطة المحلية بها. كما دعت القائمة العراقية المتظاهرين إلى ضبط النفس والمحافظة على سلمية التظاهرات «كونها تطالب بحقوقهم المشروعة، وحث البيان، المنظمات الدولية والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة على «التدخل الفوري لإحلال السلم الأهلي، كون القوى السياسية لم تستطِع التوصل إلى نتائج لحل الأزمات المتتالية».