* الأسبوع الأول من نوفمبر: وقادة الحركة الإسلامية في قاعة الصداقة يستمعون إلى خطاب علي عثمان هنالك -الخطاب العنيف الذي يحذر ويحذر- كانوا يشعرون أن الأستاذ علي عثمان يخاطب جهة غيرهم… ولا يعلمون ما هي! * الأسبوع الثاني من نوفمبر: الفريق محمد عطا، مدير جهاز الأمن كان يقول لقادة الدفاع الشعبي عن الانقلاب: كنَّا نعلم ونتابع. (الأستاذ علي عثمان كان يعلم ويتابع). والشعور بأن البشير يبتعد كان هو ما يطلق كل شيء.. وكل أحد يعلم ويتابع… ويستعد. وكل شيء ينطلق، خمس جهات تنطلق، بعضها تقودُه القوَّةُ وهو يسعي لخلافة البشير، وبعضها يقوده الضعف.. والخوف من انتقام يقترب. (والافتقار لشحصية لها وزن البشير تقود منفردة كان شيئاً يُطلِق صراع المجموعات). … بداية نوفمبر، ما كان يجري داخل القاعة لانتخاب الأمين الجديد للحركة الإسلامية.. وما كان يجري خارج القاعة للإعداد للانقلاب.. وما يجري في أماكن داخل وخارج السودان.. كلها أشياء تصبح هي دوائر الماء المتسعة للحجر الأول. الحجر الأول كان هو انقلاب قوش السابق -قبل عام ونصف- الذي نستمع إلى حكايته من الرئيس البشير، وقبله بنصف ساعة من الفريق عبدالرحيم محمد حسين. (والحكايه نحكيها): الانقلاب الغريب يومئذ كان يذهب بأصابعه إلى أطراف بعيدة من العالم، لكن انقلاب الشهر الماضي هذا -بأي أصابع جاء- كان يعني أن يصبح قوش رئيساً للبلاد.. عندها يتحول للانتقام. والانقلاب الأخير إن هو نجح تحوَّل قوش أيضاً لانتقام أكبر يبدأ بالذين أفسدوا انقلابه الأول. وبعض من أفسدوا الانقلاب -هذا- كانوا قد أصبحوا دائرة من الدوائر الخمس المتنافسة في الدولة داخل وخارج الحركة الإسلامية. والصحف نهاية نوفمبر الماضي تحمل تصريحاً لأحد اشهر قادة الحركة الإسلامية يقول فيه: إن (80%) من قادة المؤتمر الوطني اليوم هم من خارج الحركة الاسلامية. والمجتمعون داخل قاعة الصداقة من قادة الحركة الإسلامية قليلٌ منهم مَن كان يعرف ما يجري وما أُكمل تدبيره؛ لإبعاد التوجه الجديد العنيف للحركة الإسلامية.. والذي ينتهي بإبعاد دكتور غازي. والتوجه العنيف -هذا- داخل الحركة الإسلامية كان هو السلاح الذي تستخدمه كل جهه ضد الآخرين في المعركه ذاتها.. تحت طبقات متعددة لخداع عنيف. وغازي يرفض الترشيح؛ لأنه – كما أعلن – يرفض تعديلاً على دستور الحركة الإسلامية الذي ينتهي بتجريد الأمين العام من كل قوة. كان تجريد الأمين العام من كل قوة يدبَّر قبل المؤتمر. وكان التدبير هذا يبتكر جسماً جديداً يغرسه هناك، وبعد أن كان نظام الحركة الإسلامية يقوم على انتخاب من القواعد لمجلس الشورى الذي بدوره ينتخب الأمين العام كانت جهة تتؤسس جسماً يسمى (لجنة..) وهي ما يقوم بين مجلس الشورى وبين الأمين العام. وهي في حقيقة الأمر مَن يملك كل شيء. وهكذا يبعد غازي ويبعد التوجه الإسلامي العنيف. … ومثلها، كان الإعداد للانقلاب خارج القاعة يستغل التوجه الإسلامي العنيف -هذا- لحماية الانقلاب بأسلوب تنتهج فيه الاستخبارات العالمية أسلوبَ (واجهة مقبولة لانقلاب ثم انقلاب على الواجهة هذه). وهكذا جاء ود إبراهيم.. ليصبح وجهاً يحدِّق فيه الإسلاميون المذهولون من الانقلاب، وهم يحدِّقون في الدبابات حتي إذا وجدوا ود إبراهيم هناك بكل تاريخه الإسلامي والجهادي ارتبكوا وتراجعوا عن مقاومة الانقلاب، لكن الدهشة التي تنظر إلى لقاء قوش مع ود إبراهيم (كلاهما عدو عتيق للآخر) كانت تحتاج إلى حديث طويل يدخل رؤوس الإسلاميين. والفريق محمد عطا، وكأنه يشرع في الحديث الطويل هذا، يحدث المجاهدين عن أن (شخصية مدنية كانت تقوم بالتنسيق بين الجهتين)، ولكن ما لا يتحدث عنه أحد هو أن الانقلاب الأول هذا انقلاب قوش، وود ابراهيم والذي تحته انقلاب آخر.. انقلاب قوش على صاحبه بعد ذلك.. هما عملان يعقبهما الانقلاب الثالث الحقيقي الذي سوف نحدِّث عنه، والذي يحمل الخراب كله. ودوائر الماء حول الحجر تصبح دواراً داخل الرؤوس.. والفريق عطا يقول: إنه حتى ضربة اليرموك كانت جزءاً من الأمر، كانت هذه هي بعض نقاط المطر العنيف في أطول شهر في تاريخ «الإنقاذ» ونربط مسارات الأنهار.