جدة – تهاني البقمي أكدت أنها عانت في أول يوم عمل بعد رؤيتها ميتاً أُخرج من بيارة بدون «رأس» رافقت «الشرق» أول فنية سعودية متخصصة في مجال الطب الشرعي، ابتسام حداد في جولة إلى مشرحة الأموات في إدارة الطب الشرعي في جدة، حيث وصفت الحداد طبيعة عملها وأسباب التحاقها به، وقالت ل «الشرق»: «بدأت في مزاولة مهنة التمريض منذ عام 1418ه في مستشفى الملك سعود للأمراض المعدية، ومن ثم عملت في مستوصف بالميناء، بعدها التحقت بالطب الشرعي قبل خمسة أشهر، وتدربت عليه، وأحببت العمل في هذا المجال»، مشيرة إلى أن حبها للتشويق حفزها على الاستمرار، وأضافت «أكثر ما أحببته في الطب الشرعي هو رؤيتي لما درسته في الكتب على الطبيعة، خاصة تفاصيل الجسم من الداخل». بداية صعبة وبينت حداد أنها أحست بصعوبة في بداية عملها من رؤية الأموات وتشريحها، وقد تقزز أفراد عائلتها من مزاولتها هذه المهنة، ولم يتخيلوا أن تعمل في مجال قائم على الموتى، وأضافت «عانيت في أول ثلاثة أيام، وأصبت بفقدان الشهية للأكل». وذكرت أن أول يوم لها كان عصيباً جداً، بعد أن تسلمت أحد المتوفين أُخرج من بيارة الصرف الصحي بدون رأس، وتقول «انتابتني حالة صمت رهيبة وعملت وأنا صامتة طوال الوقت حتى انتهينا من الجثة، ثم جاءوني بالرأس المنفصل، فهذا الموقف لن أنساه ما حييت، ولن يغيب عن مخيلتي». وأوضحت أنها تعمل كالرجال في هذا المجال، فلا يوجد فروقات بينها وبينهم، ويصادف أن تتعامل مع حالات قد يجد الرجال صعوبة فيها، مشيرة إلى أنها تستطيع تحريك الجثة بمفردها، وفي العادة يتطلب تحريكها من اثنين، حيث يتم وضع القليل من الماء تحت الجثة، ليسهل من عملية تحريكها، مشيرة إلى أن لكل فني طريقته في التعامل مع الجثة. عملي السابق وأضافت حداد «ساعدني عملي السابق في مستشفى الملك سعود، ومباشرتي لحالات الإيدز، والدرن والالتهاب الكبدي على الاستمرار، حيث شهدت حالات وفاة عديدة أمام عيني، وهذا ما أعطاني القوة في عملي الحالي»، معدة عملها في هذا المجال مميزاً جداً، خاصة أن الجريمة مرتبطة بالطب الشرعي، مشيرة إلى أن هذا العلم متجدد، وبأنها تستفيد من كل يوم تقضيه في مجال الطب الشرعي من الأطباء والاستشاريين والفنيين. وبينت الحداد أن مهنة الطب الشرعي تقدم خدمة كبيرة للمجتمع، وتوضح «مهنتنا تسترد للميت حقه، بكشف أسباب موته، سواء كان متعرضاً للضرب أو الاغتصاب، أو غيره، فنحن كالمحامين للأموات، غير أن ممارستي للطب الشرعي جعلتني أقترب من الله، ولي ابنة شجعتها كثيراً على الالتحاق بالطب الشرعي، إلا أنها فضلت طب الطوارئ. اغتصاب الأطفال وكشفت حداد أن حالات اغتصاب للأطفال والفتيات في المجتمع السعودي، تؤثر عليها نفسياً، حيث أصبحت أكثر خوفاً على المقربين منها، وكثيرا ما تعطي النصائح لأبنائها، ليأخذوا الاحتياطات اللازمة، فما تراه من حالات في المستشفى بشكل يومي، أعطاها درساً في الحياة. وذكرت أنها تعمل إلى جانب التشريح على استقبال حالات الاعتداء، لفحصهم بالمنظار الموصول بشاشة الكمبيوتر، حيث يتم التكبير من خلاله حتى 50 مرة، ويمكن بعدها تحديد ما إذا كانت التمزقات في جسد المعتدى عليه جزئية أو كلية أو عبارة عن التهابات أو أجسام غريبة أو خياطة أو عمليات ترقيع، كما يمكن معرفة ما إذا كانت التمزقات حديثة أو قديمة، وتوضح «نحرص في العيادة على توثيق حالات الاعتداء ونضعها في كمبيوتر لترفق بعدها في ملف القضية، فيمكن أن تتعرض الضحية للاعتداء من جديد، وقد صادفنا حالة بنفس هذه الطريقة، حيث تعرضت فتاة للاغتصاب، وبعد ثلاثة أشهر جاءتنا وهي معتدى عليها مجدداً، وكانت الإصابات طفيفة في كلتا المرتين. الحداد تخيط جرحاً لأحد المتوفين بعد أخذها عينة DNA