يعن الله الغامدي إذا كنا على علم بأن الهيئة العامة للطيران المدني بعد أن أصبحت إدارة مستقلة ذات صلاحيات واسعة تواجه عديداً من المشكلات المتراكمة التي أفقدتها كثيراً من مكانتها فإنّ ذلك جعلها تسابق الزمن في تطوير ذاتها وخدماتها ومطاراتها قبل أن يتسع الشق على الراقع. ومطار الطائف واحد من تلك المطارات التي تواجه ضغطاً متزايداً قد لا يتناسب مع إمكاناته الاستيعابية، ولا مع قدراته التصميمية، وهو مطار داخلي يبعد عن المدينة 30 كم، وعن مكة 70 كم، وشهد هبوط أول طائرة للملك عبدالعزيز في المملكة، وقد تم إنشاؤه عام 1366ه ويعد من أقدم مطارات المملكة، به مدرجان وومران متوازيان ومساحة وقوف واحدة أمامها صالتان صغيرتان، واحدة للقدوم والأخرى للمغادرة، وهما على ما هما عليه منذ عشرات السنين، إذا استثنينا عمليات التحوير والتدوير وعمليات الصيانة المكلفة والتي ربما يكفي بعضها لإنشاء مطار جديد! والمطار الآن يعمل فوق طاقته، خاصة خلال المواسم، مع ضعف الإمكانات الفنية والكوادر البشرية، مما جعله لا يرقى لما وصل إليه «الطائف الجديد» الذي أعلن عنه الأمير خالد الفيصل في هذه الفترة الذهبية من عهد خادم الحرمين الشريفين، ونحن نشاهد كثيراً من المسافرين في طوابير غير حضارية في الدخول أو الخروج من ذلك المطار على تلك المساحات المحدودة. وبما أن عدد الراغبين في السفر جواً في زيادة، فقد أصبح النقل الجوي من الروافد الاقتصادية الرئيسة، ويكمل صناعة السياحة والتجارة. لقد سمعنا من وسائل الإعلام عن المطار الجديد لمدينة الطائف، وأن الهيئة تسلمت الموقع ودرست التصاميم، إلا أن البيروقراطية الشديدة التعقيد لدينا، مازالت حاضرة، ونحن نسمع جعجعة ولا نرى طحناً، ويؤكد الخبراء أن المطار الجديد سيكون له الأثر التنموي الكبير لهذه المحافظة؛ إذ سيكون جسراً خدمياً للحجاج، كما كان سابقاً، ويخفف العبء على مطار الملك عبدالعزيز في جدة، على سلبياته، ويساهم في زيادة الربط السياحي لعروس المصايف التي يرتادها الملايين، فهو إن لم يكن مشجعا على السياحة فهو عائق لها! وكم من مرة تذمر رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان من وسائل النقل، خاصة عندما يرى تسهيلات الطيران لدينا ميسرة للمسافرين للخارج. وإذا كنا نعترف بأن هيئة الطيران المدني قدمت بعض الحلول والمعالجات، إلا أنها ليست في طموح مواطني هذه المدينة العريقة في التاريخ والحضارة، والتي كانت ومازالت مركزاً سياحياً لسكان المنطقة الغربية خاصة، وسكان المملكة عامة، وأصبحت منتجعاً سياحياً واستثمارياً لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي، وهم يشعرون بمناخها الجميل وطبيعتها الخلابة، ويرون قربها من مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة، عند أدائهم المناسك، بالإضافة إلى قربها من مدينة جدة على ساحل البحر الأحمر، لو أرادوا التنزه أو التسوق، فيتمتعون بمميزات المدن الثلاث المتقاربة. إن جيل اليوم الذي يختلف عن جيل الأمس وهو يطلع على ما نشر في وسائل الإعلام من تذيل مطارات المملكة الترتيب، لهو أمر يدعوه للعجب بدلاً من الإعجاب! بالرغم من الميزانيات الضخمة التي تضخها دولتنا الرشيدة في هذا المجال، مما جعل سكان هذه المدينة الجميلة يقفون في حيرة أمام هذا التباطؤ الكبير، والتأجيل المتكرر منذ سنوات لإنشاء هذا المطار، ونحن في عصر الازدهار ننتظر القرار.