أتردد في حضور حصة التعبير وأتردد أكثر عندما أكتب عن هذا الموضوع رغم صغر سني وعمري الدراسي الذي لتوِّه يتجاوز المرحلة الإعدادية، ولي كثير وكثير من الملاحظات على مدارسنا، بدءاً من الطابور الصباحي الذي يحرم الطالب من المشاركة الإذاعية سوى الترديد وراء مدرس الرياضة لأنه القائد الجلاد! إلى وضع المقاصف المدرسية التي لا تفتح إلا نافذة صغيرة واحدة للبيع يتزاحم عليها الطلبة، لدرجة أن نصف طلاب المدرسة بكاملها لا يستطيعون الشراء أو الشرب أو الأكل ليواصلوا الجوع حتى نهاية اليوم الدراسي، بغير أكلها الذي لا تستطيع المعدة أن تهضمه! وفي مدارس دول العالم الآخر نجد أن الطلبة يشتاقون للمدرسة صباح مساء، ويندبون حظوظهم أن لهم أياماً للعطلة يمكثون فيها بالمنازل! عدانا نحن العرب، ففي مدارسنا لا نجد سوى التسلط والتحكم وغرور المدرس، وعقاب الطالب هو سر نجاح المدرسة! وكأني بها- أي المدرسة- معسكر «المطرسة» كما يحلو لبعض الطلبة تسميتها! أحد أقربائي كان يدرس الدكتوراة في بريطانيا وحين فكر في العودة إلى المملكة بعد ما أتم دراسته، اشتاق إلى بلده، وفي آخر يوم دراسي لابنه البالغ من العمر 10 سنوات وجده يبكي! فسأله بتعجب: لماذا تبكي؟ قال له: «لأني سأشتاق للمدرسة هنا!» أي مثالية هذه!؟ لكن المدارس في بريطانيا غِير! في بريطانيا يبكي لأنه سيترك المدرسة، وفي البلدان العربية يبكي لأنه سيجبر للذهاب للمدرسة! أنا وأنت نسأل والمجتمع يسأل: ما السبب في كرهنا ل «المطرسة»؟ ولعل قائمة الأسباب كثيرة لكن يتصدرها «الروتين»، فالمدرسة عبارة عن شريط متكرر يعاد كل يوم، فالنكتة إذا كررت أكثر من مرة تكون غير مضحكة! وفي كثير من المدارس لا يكاد الطالب أن يتحرك من كرسيه أو يتكلم مع زميله.. فلم يبقَ للمدرسة إلا أن تربط الطالب في مكانه وتلصق فمه كي لا يتكلم ولا يتحرك! وبالنسبة ل «شرح المعلمين» وما أدراك ما شرح المعلمين، فأغلب المعلمين يفتح الكتاب ويبدأ بالقراءة إلى نهاية الحصة ويسمي ذلك شرحًا! هناك فرق بين الشرح والقراءة يا سيدي! كي نحب المدرسة لا تجعلوها روتينًا متكرراً نسير فيه، بل اجعلوها إبداعًا للفكر والحوار، وهو ما يعلمنا عليه ويحرص عليه والدي ووالد الجميع الملك عبد الله بن عبدالعزيز، رائد الحوار الوطني وحوار الحضارات، كما نريد جميعاً، فيجب أن لا يكون الطالب «متلقياً» فقط، بل محاوراً، مفكراً، متعاوناً، نشط الذهن!