تعاني المقاصف المدرسية من روتين الوجبات المتكررة التي لم تتغير منذ سنوات طوال، وتذمر بائعات المقاصف الواقعات بين سندان الحاجة للوظيفة واستبداد الشركة المشغلة، ويبقى الطلاب والطالبات ضحايا لتلك المعادلة التي لم تجعلهم قاسما مشتركا بل جوابا لا قيمة له في معادلة لا حل لها رغم الكم الهائل من الشكاوى التي ترد من أولياء الأمور الخائفين على أبنائهم من الآثار الصحية لتلك الوجبات، وغياب الرقابة الصحية إلا أن شكواهم تذهب أدراج الرياح. تعفن الوجبات وتعبر والدة الطالبة جنى النجدي عن استيائها وصدمتها بعد مشاهدتها الوجبة التي أحضرتها ابنتها معها من المدرسة، حيث فوجئت الأم بظهور العفن عليها بشكل واضح، وتذكر أن تلك لم تكن المرة الأولى التي يعلو وجبات المقصف المدرسي العفن، بل إنه أصبح روتينا طبيعيا لفطائر المدرسة ما حدا بها إلى الاستغناء التام عنها، واستبدالها بالاعتماد على وجبة منزلية يومية خوفا على صحة ابنتها، ثم تتساءل عن سبب عدم الاعتناء بصحة الطالبات في الأجواء التربوية وعدم التجاوب مع شكاوى أولياء الأمور. انتهاء الصلاحية وتشاركها الرأي أم الطالبة عبير الغامدي قائلة» علاوة على بيع مأكولات منتهية الصلاحية لبناتنا، لا يوجد انتقاء صحيح للوجبات المقدمة للطالبات، فالمأكولات المباعة طويلة الأجل وتحتوي نسباً عالية جداً من المواد الحافظة المضرة بالصحة، فهي تهدد سلامة الطالبات، فضلا عن أن المقاصف تبيع «الشيبس» والعصيرات ذات الأصباغ والمشروبات الغازية». مقاطعة المقصف وتذكر الطالبة مرام العتين بالمرحلة الثانوية أنها وزميلاتها لا يعتمدن على المقصف المدرسي في توفير وجبة الفطور الصباحية، بل يجعلن فطورهن بينهن بالتناوب حيث تحضر كل منهن فطوراً جماعياً في يوم معين وفق جدول وضعنه، وتشكو من الروتين في المأكولات وعدم تنوعها ما جعلها هي و زميلاتها يقاطعن المقصف رغم مشقة الأمر. تذمر البائعات وتؤكد البائعة في مقصف إحدى المدارس فاطمة عوض و المتعاقدة مع شركة تحتفظ الجريدة باسمها عدم اقتناعها بالأصناف المباعة في مقاصف المدارس، و تستدرك قائلة « رغم ذلك أبيعها بشكل يومي»، فلا حيلة لي و لا لزميلاتي في اختيار الأنواع المقدمة، حيث توفرها الشركة»، وعبرت البائعة فاطمة عن معاناتها مع الراتب الضئيل التي تتقاضاه 500 ريال شهريا، ويخصم منه 45 ريالاً من كل راتب للتأمينات الاجتماعية، وتضيف إن الراتب الذي تمنحهن الشركة إياه يقتصر على ساعات العمل الفعلية فيما تستثنى الإجازات الرسمية بمختلف مسمياتها فلا تحسب ضمن الراتب، وتضيف أنها تعمل من السادسة صباحاً وحتى نهاية الدوام المدرسي بكافة أعمال المقصف بدءاً من الترتيب مروراً بالتنظيف وانتهاءً بالتعامل مع الطالبات، وتعترف بأن الفطائر المتبقية من اليوم السابق تباع لليوم الذي يليه، وتبين أنها لولا حاجتها إلى العمل لما استمرت فيه، وتوضح ملاحظاتها عدم تقبل الطالبات للأصناف، و حين تردها شكاوى صريحة منهن تحيلها بدورها إلى المسؤول، إلا أن الحال استمر على ما هو عليه. استقالة جماعية وتوضح نورة الدوسري التي كانت تعمل مساعدة بائعة براتب 500 ريال ثم تم ترفيعها إلى بائعة بزيادة 400 ريال ليصبح مجموع ما تتقاضاه 900 ريال، و يقتطع منه مبلغ للتأمينات، وتقول إنها طالبت الشركة بزيادة الراتب نظراً لسنوات خدمتها الطويلة، حيث عملت سنوات متتالية إلا أن الرد جاءها كالصاعقة حيث قال: لها المسؤول إذا « لم يعجبك الوضع قدمي استقالتك فهناك غيرك الكثير اللواتي يبحثن عن عمل « وتضيف إنها بعد هذا الرد الذي لم ينسجم مع خدمتها قدمت استقالتها واستعادت مبلغ التأمينات لحاجتها له، لكنها مازالت لم تحصل على مستحقاتها من الشركة كاملة واعترفت نورة بأن حافز يكفل لها دخلا جيدا مقارنة بما تتقاضاه من وظيفتها، كما أفادت مع ست من زميلاتها البائعات بالمقاصف أنهن تنازلن عن مهنتهن التي قضين بها سنوات بعد صدور الأمر الملكي بصرف مكافأة «حافز»، حيث يفوق رواتبهن بأربعة أضعاف، واعتبرنه إنقاذاً لاهياً لهن من الوضع الصعب، و انعدام الأمن الوظيفي.» عمل إضافي و لا تعتمد حصة ناصر على راتبها الذي تتقاضاه من الشركة مقابل عملها كبائعة، فهو لا يوفر حتى مجرد احتياجاتها اليومية، في ظل الغلاء ولأنها لا تستطيع أن تحضر مستلزمات وتبيعها في المقصف لصالحها كون الأمر ممنوعاً فإنها تعاقدت مع المعلمات لتقوم بإحضار دلة قهوة يوميا مع صحن» حلى» بمقابل أفضل من الراتب، كما أنها استفادت من وجودها داخل المدرسة في تقديم كثير من الخدمات للمعلمات والتنسيق بينهن وبين المحلات بمقابل جيد، والشيء اللافت الذي ذكرته حصة هو أن المعلمات لا يلتفتن للمقصف مطلقا بل لم تحضر أي معلمة لمعاينة المقصف طوال فترة عملها. تعاقدات طويلة و قال أحد المسؤولين في إدارة التربية والتعليم رفض ذكر اسمه إنه تردهم شكاوى كثيرة بطريقة مكثفة على المقاصف المدرسية لكن التزام الإدارة بعقد مع الشركة يجعلها مقيدة لا تستطيع الحراك، عدا بعض التنبيهات التي تقدمها لها من أجل صحة الطلاب و الطالبات، و شرح المسؤول أن مصدر المشكلة هو التعاقدات طويلة المدى، وذكر أنه عقب انتهاء التعاقد ستكون هناك دراسة لإسناد المقاصف إلى شركة مؤهلة بكوادر متخصصة، وحول وجود وظائف بائعات مقاصف براتب 3000 ريال، اعتبر الأمر ممكناً بعد التطوير، وحول إسناد المقاصف إلى المدارس لتشغيلها ذاتيا، قال هناك مدارس التابعة لمشروع تطوير تدير مقاصفها ذاتيا، مؤكدا على وجود مخالفات لدى بعض المديرات اللاتي لا يوجد لديهن وعي كافٍ بأهمية وجود المقاصف الصحية بينما هناك مدارس متعددة تتولى إدارة مقاصف ناجحة ومرضية تماما. وجبات صحية و حذرت أخصائية التغذية العلاجية و الرياضية، رئيسة قسم التغذية بأحد المستشفيات الخاصة ريدة الحبيب من الوجبات التي تباع في المقاصف المدرسية وقالت إنها غير صحية فمعظمها وجبات عديمة القيمة الغذائية وتحتوي على سعرات حرارية عالية رغم خفة وزنها وقالت: : إن الشبس « عبارة عن دهون ونسبة عالية من الأملاح غير الحلويات والشوكولاتة وأضافت أن المقاصف حسب علمها كانت تبيع المشروبات الغازية وبعد عدة شكاوى تم استبدالها بعصيرات تحتوي على ماء وسكر طويلة الأجل، وقالت إن الطالب الذي لا يفطر في المنزل فإن هذه الوجبة تعتبر بالنسبة له وجبة أساسية لكنها لا تستطيع مده بالطاقة اللازمة لاستكمال يومه الدراسي بل تكسبه الخمول وقد يتعرض بعض الطلبة لإغماءات خاصة في مدارس البنين الذين يتعرضون لحصص أنشطة رياضية قد لا يستطيعون أداءها وحثت إدارات التربية والتعليم على توفير وجبات صحية في المدارس كالألبان و العصيرات قصيرة الأجل والفواكه لطول اليوم الدراسي. مواصفات عالمية و نوهت مديرة الوحدة الصحية بالمنطقة الشرقية د.سارة الشمري إلى أن المقاصف سواء أكانت تدار من قبل شركة أو عن طريق المدرسة يفترض أن تكون لها مواصفات عالمية من حيث المكان والطاقة الاستيعابية، إضافة إلى التجهيزات، فضلا عن أنواع الأغذية المقدمة، و أشارت إلى أن أبسط حقوق الطالب أن يجد مقعداً يجلس عليه ليأكل وجبته تطبيقا لهدي المصطفى الكريم، وأضافت أنه من الملاحظ أن الطلاب يأكلون وقوفا، ويعتمدون على كلتا يديهم لعدم وجود أماكن مهيأة، وهذا مخالف للسُّنة النبوية، كما أنه يؤذي الصحة فمن المفترض أن تكون المدارس شبيهة بالمطاعم، بحيث تحتوي على غذاء منوع وقائمة طعام متجددة، وانتقدت الشمري وضع المقاصف المدرسية الحالي كونه يبعث السأم و الملل في نفوس الطلاب، خاصة مع ثبات روتين المكان والوجبة منذ سنوات، وتمنت الشمري استحداث قائمة للوجبات الأسبوعية بحيث تكون متغيرة كل يوم، ما يجعل الطلاب أكثر قابلية لتناول فطورهم المدرسي. غياب الدراسات وتأسفت الشمري لغياب دور الدراسات التي يفترض إجراؤها على المقاصف باستمرار لقياس الجودة وقالت « يمكننا الحكم على المقصف بأنه جيد إذا تناول المعلم وجبته منه أسوة بالطالب، فنظام الزيارات الرقابية الموجودة حاليا به الكثير من السلبيات كما لا يوجد مختبر و يفتقر إلى آلية واضحة للتعامل مع العينات، بل ينعدم التنسيق المباشر بين مديرة المدرسة والمختبر الموجود في الأمانة للتعامل مع العينات، وتفتقر المقاصف إلى مرجعية واضحة يتبعها الجميع بحيث يتم تحليل العينة وإذا ثبت عدم صلاحيتها يغلق المقصف والحاصل حاليا أن التوصيات تذهب لجهة واحدة فقط، فلا يحصل أثر ملموس كما أن المقاصف الحالية غير مكتملة التجهيزات وتفتقر إلى طرق التخزين الصحية، حيث يتم تخزين ما تبقى من الأطعمة في أماكن غير مهيأة ثم تباع في اليوم التالي». مخالفة صريحة وبين المحامي جاسم بن محمد العطية أن عقد العمل في القطاع الخاص يخضع لنظام وزارة العمل، ويختلف بين أن يكون شهريا أو يومياً ، وإذا نص العقد على أن يكون الراتب الشهري 500 ريال فإن هذه مخالفة صريحة لنظام العمل ولكافة التعليمات، حيث حددت القرارات الحكومية الأخيرة 3000 ريال حداً أدنى للرواتب، و500 ريال تقل كثيرا عن الحد الأدنى المذكور. وأضاف «إن المخالفة الثانية في حال كون العقد صحيحاً هي عدم إعطاء الموظف حقه أثناء الإجازات السنوية والأسبوعية حيث ينص النظام على أن يحصل الموظف على يوم على الأقل أسبوعيا مدفوع الأجر «. شركة بديلة وكشف مدير الإدارة العامة لخدمات الطلاب في وزارة التربية والتعليم سامي السعيد في اللقاء السنوي الثاني لمديري خدمات الطلاب الذي عقد مؤخرا في جدة بعنوان»عمل المقاصف المدرسية «عن صدور الموافقة لإسناد التغذية والمقاصف المدرسية إلى شركة « تطوير « مما ينبئ بتحسن المقاصف من حيث الوجبات المقدمة و التي تكون مدروسة كما سيتحسن وضع بائعات المقاصف وربما يتحقق لهن من خلال هذه الشركة ال 3000 ريال التي حلمن بها. وقامت “الشرق” بالاتصال على المتحدث الرسمي لوزارة العمل ,خطاب العنزي, الذي أفاد بأنه لا يوجد جديد في موضوع “موظفات المقاصف” ووعد بالرد لاحقاً بما يستجد. مشكلات تواجه المقاصف المدرسية