تتغير الزعامات وتتبدل الأيدلوجيات ولكن هل تتغير التطلعات القومية والأطماع التي تغذيها مورثات المصالح؟! في إيران الفارسية حكم الشاه محمد رضا بهلوي قبل أن يطيح به آية الله الخميني وأنصاره في عام 1979م. فهل تغيّر شيء؟ ما تغيّر هو رأس النظام السلطوي فقط. أما المعتقد والنوايا والتطلعات فقد ظلت كما هي. الشاه كان يحلم بالسيادة على الخليج وترجّم أطماعه في المنطقة – حينذاك – باحتلاله جزر الإمارات العربية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وجزيرة أبو موسى، وبتدشينه مشروع بناء المفاعل النووي ببوشهرعام 1975م ، وكذلك بتوجهاته لتعزيز القومية الفارسية بأوهامها المتكئة على إرث فارسي ومن ذلك تغيير المناهج الدراسية واستخدام لفظ الخليج الفارسي لتوصيف الخليج العربي. ضعف حكم الشاه بعد أن نخر به الفساد وكان ذلك إيذانا بسقوطه فلم يستطع مقاومة التيار الديني المتصاعد. وبإتلاف تشكّل من اليسار والإسلاميين واليمين تم الإطاحة بالشاه لذا فرّ للخارج وعاد الخميني زعيما روحيا ورئيسا متوجا لإيران. وبوصول الخميني للسلطة تجددت الأطماع مرة أخرى إلا أنها هذه المرة قد أضحت أكثر شراسة ودموية فالنظام كان لايزال وليدا. وعلى مدى ثلاثة عقود أظهر نظام طهران أطماعه ونواياه علنا من خلال ممارساته التي اتسمت بالصدامية والتخريب مع دول الجوار وخاصة مع الخليجية منها. إلا أن تلك المحاولات الإيرانية قد اصطدمت بحائط صد خليجي جسدته السعودية كونها تمثل ثقلا في المنطقة ولا ننسى أيضا يقظة أجهزتها الأمنية والتفاف مواطنيها حول قيادتهم. وقد أدركت القيادة السعودية أن المرحلة القادمة قد تشهد مزيدا من التصعيد، ومن هنا فقد جاءت دعوة الملك عبدالله إلى تحويل مجلس التعاون الخليجي إلى (اتحاد خليجي) سعيا منه إلى نقل أدوار مجلس التعاون الخليجي الحالي إلى مجالات أرحب وأكثر فاعلية في تعزيز العمل الخليجي بما يضمن أمن واستقرار المنطقة. إن المشهد السياسي يوحي بأن المرحلة القادمة ستشهد تحولات عديدة في المشهد العربي بمجمله ومن هنا فإن وجود (اتحاد خليجي) أصبح يمثل حتمية لاخيارا في ظل المتغيرات السياسية والحراك العالمي وفي ظل اتجاه أغلب دول العالم إلى تشكيل تكتلات بشقيها السياسي والاقتصادي توفر لها ثقلا في أدوارها العالمية.