تحلم «مها الوتيد» ذات ال25 ربيعاً، منذُ الصِغر، أن تدرس تخصص «التربية الخاصة»، بهدف المساهمة في خدمة ذوي الاحتياجات الخاصّة «المعاقين»، ولكنها لم تكن تعلم أنها تنتمي إلى هذه الفئة. وبالرغم من ذلك هاهي كُلما تتذكّر وضعها الحاليّ تبتسم، لعلمها أن لله سُبحانه وتعالى حكمة في كل شيء. تقول مها الوتيد ل»الشرق» مرّت السنون سريعاً حتى أنهيت المرحلة الثانوية، ولديّ إصرار كبير على إكمال تعليمي، فلم يعد هناك ما يمنع كما كان سابقاً في مدارسنا وجامعاتنا ومجتمعنا، ممن يرون الإعاقة نقصاً، حيث أراها أجمل النعم التي من الممكن أن يُرزق بها الإنسان، رغم بعض نظرات التشكيك. قلة الوعي كما تؤكد الوتيد على قلة الوعي وثقافة المجتمع في الوقت الحالي من خلال نظرة أغلبية الرجال القاصرة تجاه المرأة كونها تستحق أن تكون ربة بيت، وأماً لأطفال، وتقول «للتربية دور في ذلك، وأنا لست ممن لديهم حساسية في هذا الجانب لأني لا أعير اهتمامي إلا للنماذج المشرفة من ذوات الإعاقة، فبعضهم استطاع القيام بجميع واجباته الحياتية، والزوجية، مقارنة بغيرهم، ممن لا إعاقة لديهم». وتكمل: «صافحت الخامسة والعشرين ومازال حب الناس لي وملامستي مشاعر بعضهم من خلال كتاباتي أكثر شيء أفخر بتحقيقه، كوني أوّل شاعرة من ذوي الاحتياجات الخاصّة تشارك في إحياء أمسية شعرية على مدى ثلاث سنوات متتالية في مهرجان الجنادرية، ما يعدّ شرفاً، إلى جانب إظهاري صورة الفتاة المعاقة في مجتمعنا، وكم يرقص قلبي فرحاً حين تقول لي إحداهن أنتِ سفيرتنا». كلمات مؤلمة وتكمل الوتيد «كل من حولي كان له فضل في هذا، عائلتي، صديقاتي، كل من تعاونت معه في حياتي، كل النماذج المشرفة من ذوي الإعاقة ممن التقيت بهم، حتى تصطدم بالمجتمع وتناقضاته، فهو مجتمع إسلامي محب للخير، منفتح لكنه ينسى ذلك حينما يجد أمامه شخصاً معاقاً، فيبتدئ بالنظرات، ويتطور الأمر إلى الكلمات غير المنتقاة، التي تؤثر في نفسية المعاق بشكل مؤلم وقاسٍ». مبينة أنه على الصعيد الخدماتي كُل جهة مسؤولة تفعل ما بوسعها وحدها، لذا لا تتضح الجهود المبذولة، على العكس لو تكاتفت في تقديم ما نحتاجه منها لسدّ الخلل. الجانب المشرق وتعدّ مها الوتيد أول فتاة من ذوي الاحتياجات الخاصة تشارك في «أوبريت» مترجم بلغة الإشارة ل»الصم»، ورغم كونها أول من عملت (أوبريت) مترجماً بلغة الإشارة للصمّ على مستوى الشرق الأوسط، فضلاً عن مشاركتها ثلاث مرات في مهرجان «الجنادرية» الوطني، توضّح الوتيد أنها مازال أمامها كثير لتوصل صوت ذوي الإعاقة. ويناقش «أوبريت» الوتيد حياة المعاقين من الصمّ، مستهدفة إبراز حقوقهم، والجانب المشرق في حياتهم، بمشاركة مجموعة من أطفال (الصم)، وأطفال (برلمان الطفولة)، وأضافت «تم تكريمي من وزارة الشؤون الاجتماعية لمشاركتي في أغلب مناسباتهم الخاصّة بالأيتام والمسنّين، أيضاً كرّمتني أمانة مدينة الرياض وجامعة الملك سعود، وجامعة الإمام، مع ذلك لا صعوبة من تكاتفنا جميعاً لمثل هذا الهدف السامي». وتختم حديثها بتفاؤل معتاد قائلة «هاأنا الآن عضوة في أكثر من جمعية ومجموعة تختص في إيصال صوت ذوي الإعاقة، إلى جانب عملي الخاص البعيد تماماً عن الإعاقة». مها الوتيد (الشرق)