مشكلة الإخوان المسلمين أنهم لا يصدقون حتى الآن أنهم وصلوا إلى قمة السلطة في مصر، وبالتالي فهم يريدون أن يصدقوا، وكل ما يقومون به من فرض إرادة -في ظنهم- يضمن لهم ولاء الشعب لأطول فترة ممكنة. ومن يقول بأن الإخوان لا يفهمون في السياسة، فهو لم يكلف خاطره ليفهم سياسة الإخوان ومدى تخوفهم من الفصائل الأخرى التي تهدد عرشهم، ومن ثم دأبهم المتواصل لإزاحة المعارضة عن صنع القرار ليتمكنوا من الانفراد به وتمريره تحت أي ضغط. فرغم نجاح المعارضة في تجييش الناس والذهاب بهم إلى قصر الاتحادية، ووقوف الآلة الإعلامية (غير الرسمية) المؤثرة في وجه الرئيس والمرشد الأعلى للإخوان، فإن الإخوان نجحوا بحساباتهم السياسية في وضع دستور على مقاس سلطانهم، دستور يسمح لهم بالتعدي على الحريات ويفصل لهم قوانين (على حسب أهوائهم) يصدّق عليها مجلس الشورى التابع لهم.. صناديق الاقتراع ساندت حجتهم والبسطاء منحوهم الثقة لينتفخوا ويواصلوا مسيرتهم. لم يراهن الإخوان على النخبة، لم يدخلوا معهم في صفقات كما فعلوا مع عمر سليمان والمجلس العسكري، سخروا من البرادعي وحمدين وموسى، ومن الثوار والفلول وكل من خيّل إليه أن مرسي سيغادر منصبه كما فعل مبارك.القراءة الخاطئة للوضع من جانب جبهة الإنقاذ أفضت إلى فشل النخبة، وساهمت في توطيد سلطة الرئيس بدلاً من الإطاحة به وانتزاع الحكم منه، ولم يعد أمامهم الآن إلا الحوار أو تقييد أنفسهم بالعزلة والحياة داخل أبراج عاجية لا تسمح لهم إلا بمخاطبة أنفسهم. اعتماد الإخوان على الشارع وضع التاج فوق رؤوسهم، وأهداهم ابتسامة الثقة، وطمأنهم على الانتخابات البرلمانية القادمة، وفي المقابل تتخبط جبهة الإنقاذ وتتحدث بلسان شعب هي أبعد ما تكون عن فهم طبيعته والتأثير فيه ومخاطبته بلغة يجيد الإصغاء إليها. ميزة الجماعة أنها منظمة، تجتمع على كلمة رجل واحد، وتستخدم أساليب بسيطة جداً في التعامل مع المواطنين، لكنها أساليب ناجحة تأتي بنتائج إيجابية، ولا تفقد قدرتها على الإقناع، بينما القوة الحقيقية للإخوان تتمثل في نشاطهم على الأرض والسرعة والدقة في تنفيذ المهام المطلوبة. انتصار الإخوان سيتكرر بنفس القدر في الجولات القادمة، ذلك لأنهم يمتلكون كوادر تتحرك بفاعلية في القرى والنجوع والكفور والحارات والأزقة ومع كل صوت يستطيع أن يؤيدهم. أما جبهة الإنقاذ ومن تبعها فإنها تعتمد على الفضائيات والإنترنت وميادين الثورة وتتحرك داخل دوائر مغلقة تضيق مع الوقت وهو ما لا يسمح لها بالحضور الفعلي في وجدان الشعب. على جبهة الإنقاذ إذا كانت طموحة في الحصول على التفاف شعبي حقيقي أن تخالط الناس وتتخلى عن صورتها النخبوية وتعمل على زرع كوادرها في كل مكان وتحقق للناس بعض الأماني البسيطة فتقربهم منها بدلاً من التشدق بشعارات لا تساوي في نظر البسطاء ثمن زجاجة زيت أو كيلو أرز! آخر سطر: وضعها السيد مخرج المسرحية في زمرة الكومبارس، ورأى السيد المتفرج أنها صالحة أن تكون بطلة… لقلبه.