قد يختلف كثيرون مع المحتسبين الذين واجهوا وزير العمل المهندس عادل فقيه، أمس الأول، في مقرّ وزارته وأبدوا اعتراضاتهم على كثير من الأنظمة المتعلقة بعمل المرأة في محلات بيع المستلزمات النسائية أو القطاع الخاص بشكل عام. وقد يرفض كثيرٌ منّا تلك اللهجة الحادة التي استخدمها بعضٌ منهم في اللقاء العاصف الذي استمرّ لأكثر من ساعة. وقد يختلف كثيرٌ منّا حتى مع مبدأ اعتراض المحتسبين بمضمونه ومحتواه، وقد نرى في اعتراضهم إعاقة لتأمين العيش الكريم لسعوديات يحتجن إلى العمل. وقد يستغرب منّا طريقة التنظيم المتقن بين المحتسبين الذين جاءوا من مناطق مختلفة من البلاد في وقت واحد. مع ذلك؛ هناك ما يُحترم في طريقة إبداء المحتسبين رأيهم. فقد اتبعوا طريقة متحضّرة في الاعتراض بطَرْقهم باب الوزير وإبداء رأيهم بصراحة ووضوح، وهذا ما يُمكن وضعه في سياق «الباب المفتوح» الذي انتهجته الدولة بدءاً من رأس هرمها حتى أصغر مسؤول. كما أنهم لم يُمارسوا شغباً أو عنفاً أو يحملوا شعارات ضدّ الدولة. لم يذهبوا إلى الأسواق ويعترضوا على عمل سعوديات كما كان يفعل محتسبون قبل سنواتٍ من تنظيم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. كما أنهم لم يخالفوا أياً من الأنظمة المرعية، ولم يتدخلوا في إجراءات لائحة الإجراءات الجزائية أو المرافعات الشرعية. إنهم بكل بساطة ذهبوا إلى الوزير وقالوا رأيهم. وفي المقابل كان الوزير فقيه متزناً وواثقاً ومرموقاً في تعامله مع كلّ هذا العدد من المحتشدين الذين جاءوا إلى وزارته ليعترضوا عليه وعلى قرارات جهازه ووجهوا له اتهامات عريضة. واجه الوزير الانفعالات بالهدوء، والحدّة بالمنطق المسالم. كان الوزير على قدر المسؤولية الموكلة إليه حين يواجه مشكلة مركبة، فهو لم يردّ بأن «كل شيء تمام» في عمل المرأة، بل اعترف بوجود أخطاء وتجاوزات، وكشف عن معاقبة منشآت تورطت في هذه التجاوزات. وطالب المعترضين بالمساعدة من أجل مواجهة الأخطاء، وليس من أجل جعل عمل المرأة عاراً أو خطأً أو جريمة. كان الوزير فقيه دقيقاً؛ إذ لا يُمكن إلغاء مشروع لأن تطبيقاته تضمنت أخطاء هنا أو هناك. كما أنه كان جليّاً في ربط القضية، كلها، بما يتوصل إليه القضاء السعودي، معرباً عن امتثاله التام لذلك.