، أعتقد أنها من أكثر الأشياء التي تجرّنا إلى المشكلات. تقع المشكلات عندما أريد أن أظهر للآخرين أنني أفضل منهم، فها أنا أقول شيئاً لا يعرفونه، وأفعل شيئاً لا يقدرون على القيام به، فأنا الأفضل، أنا الأجدر بالحصول على الاهتمام، أنا من يُشار إليه بالبنان، ويكون موضوعاً للحديث وللانتقاد، لا يهمُّ، طالما أني مدار الحديث، وفي دائرة الحسد. من حكم «التاو» أن لا تكون في دائرة الضوء، أن تكون غير معروف تماماً، يُفضَّل أن تكون مجهولاً للعيان، لا تتدخل في شؤون الآخرين، لا يكون لك صوت، لا عالٍ ولا منخفض، إذا أردتَ أن تكون سعيداً عليك أن تكون مختفياً عن الناس وعن نفسك، لا أن تكون شديد الضراوة مع الآراء التي تُثار حولك، كما نرى الآن ونقرأ في وسائل الإعلام المختلفة، فكلهم يريد أن يكون على حق، الجميع يرغب في إثبات وجهة نظره ولو على حساب الحقيقة، ليس مهمّاً لديه من يكون على حق! المهم هو إثارة البلبلة بأقصى قدر ممكن، قول ما يثير الاستفزاز لدى المستمع، التطلّع إلى إشعال فورة الغضب في النفوس، وزلزلتها بكل ما يستطيعه، ومحاولة إظهار كل السواد الذي فيها، إشاعة الفوضى في الأفكار والمفاهيم، إخلال موازين الآراء والناس حتى أصبحت الأرض لا تكاد تقدر على حمل الناس الذين يركضون فوقها بكل ما أوتوا من قوة لكي يفعلوا شيئاً أي شيء، لا يهم، طالما كان يرفع وتيرة الأحداث ويجعلها مهيمنة أطول وقت ممكن بحيث تلفت الأنظار إليها، وتشيع الاضطراب والخوف والتوتر والضيق في النفوس، حتى النباتات والأشجار يصيبها العطب مما ترى وتسمع، والهواء يتكدر، والنور في داخل الإنسان يخفت.إلى أين يمضي كل هذا؟ ما هي نهاية كل هذه الأشياء التي تطرق باب كل يوم جديد بشدّة، وكأنها تريد أن تخلعه لتدخل الأعاصير والعواصف والفيضانات وثورة الإنسان الباكية، وحدّته الشرسة، كي تقول إن السلام يتقلّص على وجه الأرض، والشعور بالسعادة يكاد يحمل حقائبه ويرحل، والحياة ما هي إلا دعاية للدم والأفواه المفتوحة بقوة كي يخرج كل الكلام الذي لا يعني الحقيقة بشيء سوى الندم على فوات لحظة بلا سكينة وهدوء، والموت يأخذ الناس كافة، الذين هبّوا غاضبين، والذين يجلسون في سلام، لن يترك أحداً، الذين عاشوا متسلّطين والذين لا يتدخلون في شؤون الآخرين، كلنا نمشي ونحن أموات، هذه حقيقة، فلماذا نصنع كل هذا الخوف والقلق؟الوقت يجري سريعاً، لا فائدة من محاولة إثبات شيء، عش لحظتك فقط، عشها بود ومحبة وسلام، لقد قامت معلمة بصفع طالبة على وجهها لأنها فقط أرادت أن تثبت رأيها للطالبة، لم يكن الأمر يستحق، هذا الاستعراض الذي أتحدث عنه، كل ما يجري من أخطاء إنما هي استعراضات: أنا على حق، وأنت المخطئ، أنا لي شخصية قوية لن تستطيع أن تتغلب علي، أنا لست ضعيفاً، إذا كنتَ طيّباً استغلك الناس، هذا ما يقولونه ليدافعوا عن شراستهم، ليرتكبوا مزيداً من الأخطاء، ليبتكروا كثيراً من الألم والمعاناة، لا شيء يستحق، الأمر كله منتهٍ، هي فقط عدد من الأيام نعيشها ثم نمضي، الموت محدّق بك، لن يتركك، إنه ينتظر، انظرْ إليه جيداً، لا تنسَه، يقول الرسول الكريم «اذكروا هادم اللذات» اذكروه دائماً، في أغلب أوقاتكم، الأساتذة الروحانيون يذهبون إلى القبور، وهناك يرون حقيقة الحياة، مآل كل شيء، فتصغر الدنيا في عيونهم، وتصبح لا شيء، الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة، فلماذا تصنعون الآلام بهذا القدر المحزن؟