لا فرق في مصر الآن بين ممارسة الكتابة ومعايشة الكآبة، كلاهما يقود لنفس المصير المبهم، ويُفرط في الحزن على شعب كان قاب قوسين أو أدنى من المستقبل، لكن قادته أرادوا للعبة أن تستمر، ركلوا المستقبل فجرى… وَوَقف الحال!لا معنى للكتابة عن وطن يضيّع القائمون عليه المعنى، ويفسد فيه الساسة -جميعهم- ثورة عظيمة حوّلوها بأطماعهم إلى ذبيحة، يتخطفها كل منهم بيد «تكبش» وأخرى تسدد طعنة.لا جدوى من سطور لا تمنع من يعتدي بالساطور على شقيقه في الوطن لمجرد أنه يختلف معه في الرأي؛ مثل هذا لا يقرأ، ولا يسمع، ولا يفهم إلا لغة الدم، ولن يهتم بالمعنى.لا ضرورة للبحث عن فكرة بإمكانها أن تطرح الحل، وكل فريق يجمع أنصاره ليفرض الحل؛ بالتهديد، والوعيد، وإشعال النيران، و»قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار».لا صوت يعلو على صوت المعركة، دقوا الطبول، وأوغروا الصدور، وليحمل كل منكم سيفه، ورشاشه، وخرطوشه، وحَجره. والقادة العظام يجلسون في الدرجة الأولى للفرجة، الجولة الأولى بدأت، والثانية انتهت، وقانون اللعبة يحتوي على عدد لا نهائي من الجولات.. ويا شباب الأمة لا يحسد أحدكم صاحبه لأنه مات.. الكل سيموت.. هناك ألف ألف طريقة للفناء ولتكن مساحة مصر كلها ملعب و…مدفن. لا حياة لمن تنادي، والموت يقترض من الشهداء الحياة، والأم الثكلى لا يستطيع المرشد بكل ما أوتي من إمارة؛ وسمع وطاعة أن يستعيد كبدها المدفون في التراب. ويعجز البرادعي رغم كل مواهبه الجبارة في الاستنارة أن ينير لها شمعتها المطفأة .الكاميرات ما زالت مصوبة من كل اتجاه، والسادة المحللون والخبراء والمذيعون والنشطاء والمديرون والشيوخ وكل الفرقاء بلا استثناء يحتلون الشاشات، ينقلون للعالم بحيوية ونشاط ما يحدث أمام أعينهم، وخلف ظهورهم من مؤامرات، يتهمون بعضهم بعضاً بالتخوين، ويسبون ويلعنون ويبصقون ويتجشأون ويكفّرون ويأسلمون ويوصدون أبواب الجنة ويفتحون خزائن جهنم.من يقول «نعم» للدستور الكامل المكمّل، في مواجهة من يقول «لا» للدستور المفخخ الملغم، ولا مكان في الصفوف لمن يقول كلمة حق في وجه سلطان جائر ومعارضة تتسلطن.لا حديث ينفع مع من يعلمون وينطقون الكذب، ومن لا يعلمون ويدعون المعرفة، ومن لا يفهمون ويتبعون الحمقى، ومن يدركون ولا يتداركون أخطاءهم، ومن بيدهم القوة الآمنة ويخشون التورط في اللعبة.لا هدنة تغري الأمل الهارب على العودة، ولا حكمة تخرج في حينها فتمنع الخراب المتعجل من المرور إلى أرض الدولة.. الإفلاس قادم على أجنحة العنقاء، والخلّ الوفي لن يشفع لخله لو هاج الناس من وهج الجوع، وحِلف الفضول لن يجد ما يتفضل به من خطب عصماء، ولا عاصم لأحد إذا جاءت الطامة.لا فائدة من كلام يقال ولا يترجم لأفعال، ولا تحليل باستطاعته أن يعالج بلد يتحلل. انظروا..من يقود السفينة الآن؟.. واحد، اثنان، ثلاثة،…،! لا حيلة لكاتب يشاهد وطنه يتمزق إلا أن يلملم حروفه ويصمت.