القاهرة – هيثم محمد الدوحة وعدت عصام شرف ب 500 مليون دولار ولم تفِ.. ثم منحت حكومة الإخوان ملياري دولار. قيادي في «الوفد» ل الشرق: العاملان الإعلامي والاقتصادي يؤثران في الرأي العام بمصر. «القرضاوي» قال إن تصويت المصريين ب «نعم» على الدستور سيجلب 20 مليار دولار من قطر. تسعى قطر إلى لعب دورٍ مؤثر على الساحة السياسية في مصر مستخدمةً قواها الناعمة إعلامياً واقتصادياً، رغم الفارق الهائل بين الدولتين من حيث المساحة والقوى البشرية. ورغم غياب مظاهر وجود قطري ملموس في مصر، إلا أن الدوحة تستخدم قناة «الجزيرة» كقوة ناعمة قادرة على توجيه الرأي العام المصري من خلال متابعتها الدقيقة لكل ما يجري في مصر بعد إطلاق قناة مختصة بذلك. تأثير «الجزيرة» في مصر لعبت «الجزيرة» دورا كبيرا في إثارة مشاعر المصريين ضد نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وأفردت القناة طوال أيام الثورة ساعات طويلة لمناقشة ما يجري في مصر من احتجاجات ضد السلطة تفصيلياً. وبعد الثورة، أطلقت «الجزيرة» قناة متخصصة في الشأن المصري على مدار الساعة تحت اسم «الجزيرة مباشر مصر» وهو ما لم تفعله مع الثورات العربية الأخرى في تونس وليبيا واليمن بل حتى في سوريا التي تشتعل ثورتها حتى الآن. وانحاز المحتوى الإعلامي للقناة إلى جماعة الإخوان بشكل ملاحظ منذ وصول الرئيس محمد مرسي إلى سدة الحكم. وتجاهلت القناة مؤتمرات صحفية للمعارضة والجمعيات الحقوقية بينما تركت شاشتها متاحة لمؤتمرات تجمعات أقل أهمية مثل «قضاة من أجل مصر» بسبب ميلها إلى الإخوان. ويعتقد الكاتب في مجلة «السياسة الدولية» الصادرة عن مؤسسة الأهرام المصرية، الدكتور عمرو عبدالعاطي، أن قطر تستخدم القوى الناعمة للتأثير في مصر عبر سلاحي الإعلام والاقتصاد، ويضيف «رغم أنها دولة صغيرة وهو ما لا يسمح لها بالتأثير إلا أنها تستغل قناة الجزيرة للتأثير سياسيا، هي لا تملك أدوات التأثير الخشن فتستخدم التأثير الناعم الرقيق». ويقول عبدالعاطي «إطلاق الجزيرة مباشر مصر يؤكد النوايا القطرية تجاه مصر، فهي تركز على الأحداث بزوايا معينة من خلال استضافة قادة الإخوان بما يخدم مصالح الجماعة». ويرى عبدالعاطي، في حديثه ل «الشرق»، أن تركيز «الجزيرة» الواضح على مصر والرئيس مرسي أوضح جزءاً من انحيازها تجاه الإخوان، ويتابع «ربما هناك مصالح مشتركة بين الإخوان والأسرة الحاكمة في قطر». وتعرض مقر قناة «الجزيرة مباشر مصر» في وسط القاهرة إلى هجوم بالمولوتوف في 21 نوفمبر الماضي من قِبَل مجهولين ما أدى إلى تدميره بالكامل ونقل العمل إلى مقر آخر. الدور القطري في القاهرة يصف مراقبون قطر بأنها رأس حربة المشروع الأمريكي المعروف باسم «الشرق الأوسط الجديد» عبر مساهمتها في إسقاط القيادات العربية غير المرغوب فيها. ويقول دبلوماسي مصري، تحدث ل «الشرق» شريطة عدم الكشف عن هويته، إن «قطر هي رأس حربة أمريكا في التعامل مع الإسلام السياسي في المنطقة، فهي تخدم النفوذ الأمريكي وتعمل لصالحه». ويؤكد الدبلوماسي المصري أن هذا الدور القطري بدأ خلال ملتقى الديمقراطية والإصلاح السياسي في الوطن العربي، الذي نُظِّمَ في قطر منذ نحو سبع سنوات. ويكمل «حينها خرج الحقوقي المصري المعروف سعد الدين إبراهيم وأشاد بالإخوان رغم أنه كان دائم الانتقاد لهم وكان يهاجم خلطهم الدين بالسياسة»، معتبراً أن هذه الإشادة كانت مؤشرا قويا على تغير السياسة الأمريكية تجاه تيار الإسلام السياسي «لأن سعد الدين إبراهيم هو لسانهم وقطر هي مقرهم»، حسب حديثه. ويعتبر الدبلوماسي المصري أن «زيارة مدير المخابرات القطرية لمصر قبل جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية صيف العام الجاري كانت مؤشرا قويا للدور القطري»، مواصلاً «ما الداعي للزيارة غير معلومات أو تعليمات في قمة السرية؟ في الأغلب ستكون معلومات مغلفة في صورة تعليمات إن لم تكن تهديدات». وتناقل الإعلام المصري بنوع من التوجس والقلق زيارة مدير المخابرات القطرية أحمد بن ناصر بن جاسم آل ثاني للقاهرة أثناء الانتخابات الرئاسية ولقائه عدداً من المرشحين، وهي الزيارة التي أحيطت بقدر كبير من السرية والغموض. وكشفت جريدة «الفجر» حينها أن الشيخ أحمد بن ناصر وصل إلى مصر في زيارة يفترض أنها سرية وعقد اجتماعات مغلقة مع مرشد الإخوان، محمد بديع، في فيللا بضاحية مصر الجديدة ثم اتسعت الاجتماعات لتشمل عددا من قيادات حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للإخوان، بما في ذلك المرشح لمنصب الرئيس حينها، الدكتور محمد مرسي، لتقييم الموقف ومعرفة كيف يمكن أن يفوز وماذا يحتاجه. وجاءت تصريحات بعض مرشحي الرئاسة المصرية مشيرةً إلى الدور القطري في الثورة المصرية، وعلى رأسها تصريحات الدكتور محمد سليم العوا الذي ثمن على الدور الإيجابي لقطر خلال ثورة 25 يناير، وذلك في حوار له مع وكالة الأنباء القطرية. البوابة الاقتصادية خيرت الشاطر تصاعد في مصر إعلامياً دخان مشروع كبير بين قطر وجماعة الإخوان المسلمين تحصل بموجبه قطر على حق استغلال قناة السويس بشكل احتكاري لمدة 99 سنة، وهو ما تحدث عنه المرشح الرئاسي السابق، أحمد شفيق، وأثار حينها جدلا كبيرا في الساحة المصرية. وخلال زيارة أمير دولة قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، إلى مصر منتصف أغسطس الماضي قررت قطر إيداع ملياري دولار لدى البنك المركزى المصرى. وتناول الإعلام المصري تفاصيل الوديعة وذكر أن بطلها هو النائب الأول لمرشد جماعة الإخوان، المهندس خيرت الشاطر، الذى زار الدوحة قبل أسبوع من زيارة أمير قطر وأقنع خلالها المسؤولين القطريين بضخ أموال فى الاقتصاد المصرى لانتشاله من العثرة التى تواجهه. المثير أن قطر سبق ووعدت رئيس الوزراء المصري الأسبق، الدكتور عصام شرف، بمنحة لدعم الموازنة مقدارها 500 مليون دولار، إلا أن الدوحة لم تفِ بوعدها. وفي أكتوبر الماضي، سددت قطر مليار دولار قيمة الدفعتين الأولى والثانية من الوديعة البالغة ملياري دولار، على أن يتم تحويل باقي المبلغ على دفعتين في شهري نوفمبر وديسمبر من هذا العام. وقبل أيام حاز بنك قطر الوطني على نصيب الأسد في بنك NSGB فرع مصر، وهو ما يؤسس لاستثمارات قطرية ضخمة في مصر، لن يكون البنك سوى بوابة صغيرة لها. من جانبه، يعتقد القيادي في حزب الوفد الليبرالي، عصام شيحة، أن العاملين الإعلامي والاقتصادي يؤثران على عملية صنع القرار في مصر. ويرى «شيحة»، في حديثه ل «الشرق»، أن حديث بعض قيادات الإخوان عن نية قطر ضخ 20 مليار دولار كاستثمارات في مصر بعد الاستقرار الذي قد يصاحب اعتماد الدستور يؤثر على نفوس المصريين خاصة في ظل وضعهم الاقتصادي الحالك وتعثر مفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولي. القرضاوي.. الذراع الخفي يوسف القرضاوي يعد الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أحد أذرعة قطر الخفية في المشهد المصري، فالشيخ الذي كان ممنوعا من دخول مصر في عهد حسني مبارك، صال وجال لصالح الثورة حتى إسقاط النظام، وكان مثيراً وصوله إلى مصر لأداء صلاة الجمعة في ميدان التحرير التي تلت جمعة تنحي مبارك. واستمراراً لدوره الخفي، دعا القرضاوي المصريين قبل أسبوع إلى المشاركة في الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، واعتبر أن التصويت ب «نعم» فيه «خلاص واستقرار مصر» وأن التصويت ب «لا» يعد «خسارة كبيرة». وأضاف «القرضاوي»، خلال خطبة الجمعة في مسجد عمر بن الخطاب في الدوحة: «أدعو قومي وإخواني وأبنائي في مصر وفي خارجها، أن يدلوا بأصواتهم، لا يجوز لأحد أن يبخل بصوته، سواء كان بنعم أو لا». ونقلت وكالة أنباء «الأناضول» التركية عن «القرضاوي» تأكيده أن رفض الدستور سيؤخِّر بناء مصر ويزيد البطالة ويعوق جذب استثمارات من بينها 20 ملياراً من قطر، قائلا «لماذا أؤيد «نعم»؟ لأن «لا» فيها خسارة كبيرة، مصر الآن كل يوم تخسر، كل يوم تتأخر، كل يوم تتدهور، كل يوم تنزل العملة، كل يوم تتأخر البلاد». بدوره، يصف الكاتب المصري، أحمد عبدالعليم، الشيخ القرضاوي بقوله «إنه الشيخ الأداة». ويضيف عبدالعليم، الذي تنبأ بالثورة في أولى كتبه «ثورة السلاحف»، «القرضاوي يلعب دوراً من خلال نافذته على قناة الجزيرة القطرية، وإقامته في قطر، وهو نوع جديد من القوى الناعمة بصدد التشكُّل في المنطقة، مفاده أن يلعب بعض الأفراد أدواراً أكبر من حجمهم لصالح بعض الدول كقطر التي تلعب هي الأخرى دوراً أكبر من حجمها». ويعتبر عبدالعليم، في حديثه ل «الشرق»، أن معظم مواقف الشيخ القرضاوي إن لم يكن جميعها جاءت في الصف القطري وآخرها حديثه عن أن مصر ستخسر مليارات الدولارات من قطر في حال التصويت بلا على استفتاء الدستور. ويكمل «هذا خلط مغلوط وفي غير محله، وأمر يدعو للقلق أن يتم استخدام رجال الدين كأدوات لتوجيه الرأي العام في الأمور السياسية التي هي بالأساس محل اختلاف». ويتابع «وصل الأمر في الدفاع عن قطر من قِبل الشيخ المصري أن تحدَّث عن أن من يعادي قادة قطر ليس مسلماً، وهو تصريح منسوب له في عديد من المواقع الإلكترونية، ولو كان الأمر كذلك فإن هذه مصيبة كبرى، وخصم لرصيد الرجل الذي يقل مع الأيام». حرق مقر «الجزيرة مباشر مصر» في القاهرة متظاهرون مصريون يحتجون على دور قناة «الجزيرة»