العنوان أعلاه هو عنوان كتاب يضم مجموعة من المحاضرات ألقاها الفيلسوف (محمد إقبال). بكل أسف ترجمة الكتاب والأخطاء تضيع الكثير من المعاني. من عرفني على الكاتب والكتاب كان (جودت سعيد) كعادته في ارتياد القارات المجهولة من الفكر. يُعتبر جودت سعيد امتداداً لمدرسة (مالك بن نبي) الجزائري الذي لا يشبهه الأخضر الإبراهيمي في شيء؛ فالأول من السماء والثاني من الأرض. كما لم يستفد منه الجزائريون في شيء سوى أنه ولد في قسنطينة. بن نبي بدوره يُعتبر امتداداً لإقبال الذي ذكرناه، وكذلك جلال الدين الرومي التركي الصوفي. هذا الكتاب يُعتبر قطعة نادرة ويجب أن يُقرأ أكثر من مرة على قاعدة أن الكتاب الجيد يُقرأ عدة مرات (قوانين البناء المعرفي). أنا شخصيا قرأته ربما عشرين مرة. ليس هذا فقط بل إنه فتح لي آفاقاً من الاطلاع. فمثلا حين يتحدث عن قانون زينون في الحركة جعلني أرجع لفهم النسبية وميكانيكا الكم. وحين يتحدث عن إبراهيم النظام من المعتزلة جعلني أعود للمراجع لفهم هذا الرجل الذي استقل بمدرسته الخاصة وتحدث عنه الجاحظ (قصة أبو شمرة) في قصة لا تخلو من الفكاهة. كما أنه أشار لأفكار مازال العالم العربي يراوح مكانه في فهمها قبل تبنيها ونشرها مثل فكرة ختم النبوة وما دلالتها حين يتحدث عن الثقافة. كذلك في كتابه انطلاقات مهمة في فهم فكرة اليوم الآخر من منطلق فلسفي. إنه كتاب جدير بالتأمل والدراسة.