ركز وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، خلال إيجازه الصحفي الدوري في مقر الوزارة في الرياض، أمس، على ثلاث قضايا، وهي: الأزمة السورية، ومنح فلسطين صفة دولة مراقب في الأممالمتحدة، والمؤتمر الوطني للحوار الشامل في اليمن. كما تطرق «الفيصل» للانتقادات التي تُوجّه للمملكة من وقت لآخر، مؤكداً «جِلدنا أصبح سميكاً، نحن سائرون تحت قيادة خادم الحرمين بنية صافية ومسؤولية كاملة، وبالتالي الانتقادات التي تحدث بين فترة وأخرى لا تهم في هذا الشأن». التخويف من الفوضى في سوريا إعاقة للحل أبدى وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، أسفه الشديد للوضع في سوريا، وقال إنه يزداد تدهوراً سواء من جهة ازدياد حجم الضحايا والمهجرين أو من جهة التدمير الشديد الذي تشهده المدن السورية «تحت قصف الآلة العسكرية العمياء للنظام، التي لا تُبقي ولا تذر»، حسب وصفه. وقال الأمير سعود الفيصل إن الوضع في سوريا ومع الأسف الشديد يزداد تدهوراً «وهو ما يجعل من عملية الانتقال السياسي للسلطة أكثر حتمية وضرورة للحفاظ على سوريا أرضاً وشعباً»، حسب تأكيده. وعدّ تشكيل الائتلاف السوري الجديد خطوة إيجابية مهمة تجاه توحيد المعارضة تحت لواء واحد، وتابع «نأمل أن نشهد خطوة مماثلة نحو توحيد مواقف ورؤى المجتمع الدولي في تعامله مع الشأن السوري من جميع جوانبه السياسية والأمنية والإنسانية». وكشف أن المملكة ستشارك في مؤتمر أصدقاء سوريا المقرر عقده في مراكش الأسبوع المقبل لحرصها على الدفع بالجهود الدولية في هذا الاتجاه. وعن تخوف البعض من فوضى في سوريا بعد سقوط النظام، قال «الفيصل»: «الأمل دائماً موجود، وأعتقد أن وحدة المعارضة الآن واستمرار توحيد الفصائل الباقية هو أهم عنصر حدث في الفترة الأخيرة، خصوصاً إذا ما استمر هذا التوجه وزادت فعالية المعارضة بمؤازرة من المجتمع الدولي». وتابع «التخوف ليس له محل لأن جميع من اتحدوا تحت سقف المعارضة يؤكدون أنه لا خوف على الآخرين، وليست هناك رغبة في الانتقام أو متابعة الذين قاتلوا في هذه الحرب، وهذا أمر أكدوه مراراً وتكراراً»، لافتاً إلى أن الأممالمتحدة تستطيع أن تكون منظماً لهذه العملية وليس شاهداً فقط «بالتالي التخوف أو التخويف من هذه القضية أعتقد أن هدفه إعاقة الحل»، حسب اعتقاده. وبيّن «الفيصل» أن توحيد المعارضة شيء وتوحيد الموقف الدولي شيء آخر، وأضاف «من الغريب أن يكون مجلس الأمن هو مكان تختلف فيه الرؤى، بمعني أن الدول الدائمة العضوية في المجلس مُنِحَت هذه الديمومة لتكون ركيزة للحلول لا أن تكون مصبَّاً للنزاعات بين الدول الكبرى، وإذا ما وُحِّدَ الموقف الدولي في مجلس الأمن كما توحدت المعارضة، أعتقد أن هذا سيفتح باب خير لحل الأزمة في سوريا». ولفت إلى أن الائتلاف السوري المعارض قادر على السير بعد مرحلة الأسد، مبيِّناً أن المملكة تعترف بالائتلاف وبالمعارضة وبشرعيتها كممثلة للشعب السوري، متوقعاً أن تكون سوريا بعد الأسد دولة تحافظ على وحدتها وتتعامل مع شعبها بالمساواة وفقاً لبرنامج العمل الذي طرحته المعارضة. وشدد على أن لدى المعارضة مهمة هائلة لإعادة بناء سوريا «لأن الدمار فيها أصبح ظاهرة تفوق ما رأيناه، وعدد الضحايا وتدمير البنية التحتية أصبح لا يطاق، فالأسد يقصف مدينة كدمشق بكثافة وهي أقدم مدينة في العالم». وحول موقف دول الخليج العربي من الإصرار الروسي على تطبيق اتفاقية جنيف، قال «الفيصل»: «عقدنا جلسات مع وزير الخارجية الروسي، ونحن في مجلس التعاون حريصون على العلاقات مع روسيا، كما أننا حريصون على علاقاتها مع الدول العربية والعالم الإسلامي، حيث إنها بلد كبير ومهم وله مواقف مشرفة في مؤازرة القضايا العربية تقليدياً». واستطرد «لذلك المفاجأة الكبرى التي حصلت هي وقوف روسيا وقفة الرافض لدعم الوضع في سوريا، وبالتالي كان هناك شبه صدمة في العالمين العربي والإسلامي، وحرصاً على هذه العلاقات تحدثنا طويلاً مع وزير الخارجية الروسي لأن الموقف مستغرب ومستنكر، وأملنا أن يعود الموقف الروسي إلى مؤازرة الحق والعدل في هذه المشكلة». وأشار إلى أنه لا يعرف مدى تأثير هذه المباحثات على موقف روسيا، وتابع «هناك من يقول إن المؤشرات تفيد بأن هناك تحلحلاً في الموقف الروسي، ونحن لا نتحدث عن فرضيات، إذا تغير الموقف الروسي ليس هناك شك أن ذلك سيفتح الطريق لحل أساس للمشكلة السورية، إذا لم يتغير ستبقى المشكلة على ما هي عليه». وعن إيران وعلاقتها بالأزمة السورية، قال «الفيصل» إن من يقيِّمون السياسة الحالية لإيران يقولون إنها جزء من الحل في سوريا، عسى أن تتغير لتكون جزءاً من الحل لأنها دولة مهمة وكبيرة وموقفها سيكون له تأثير». استمرار بناء المستوطنات يعقد النزاع في فلسطين جدد وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، الترحيب بقرار الجمعية العامة بمنح فلسطين صفة دولة مراقب في الأممالمتحدة، ورأى أن هذا القرار ينبغي أن يشكل عاملاً مساعداً للحل لا معطلاً له. ورأى أن التعطيل الحقيقي يتمثل في غياب أفق الحل السياسي ورفض إسرائيل جميع الحلول السلمية، واستمرارها في بناء مزيد من المستوطنات وابتلاع الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، «وهي السياسة التي من شأنها إجهاض الحل العادل والشامل والدائم لهذا النزاع الطويل، وإضفاء مزيد من التعقيدات عليه»، حسب قوله. وأكد أنه إذا لم يحدث انسحاب من المستوطنات لن يتحقق حل الدولتين، متسائلاً «أين يمكن للدولة الفلسطينية أن تنشأ؟ وما هي الأراضي التي تكون تابعة لها وإسرائيل تسيطر على الضفة الغربية كليةً؟». وأضاف «أريحا هي المنطقة الأكثر عدداً من حيث السكان، وهي صغيرة، لكن بالنسبة للضفة الغربية فإن الأراضي تم الاستيلاء عليها من قِبَل إسرائيل بشكل كامل تقريباً، ودون الانسحاب من هذه الأراضي لا أعتقد أن هناك فرصة أو احتمال حل الدولتين». وتابع «نأمل من مجلس الأمن الدولي أن يتعامل بإيجابية مع قرار الاعتراف الأمميبفلسطين، وأن يستجيب لرأي الأغلبية الدولية في تعاطيه مع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وأن يضع حداً لسياسة المماطلة الإسرائيلية في إطار مسؤوليته عن حفظ الأمن والسلم الدوليين». سائرون تحت قيادة خادم الحرمين بمسؤولية كاملة أكد وزير الخارجية، الأمير سعود الفيصل، أن الانتقادات الموجَّهة إلى المملكة لا تؤثر فيها، وأوضح «جلدنا أصبح سميكاً». وقال «الفيصل»، رداً على سؤالٍ حول ما تتعرض له المملكة من هجمات إعلامية وشخصية، «في الواقع اعتدنا، وجلدنا أصبح سميكاً، ومهما عملنا سيكون هناك انتقاد، نحن سائرون إن شاء الله تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين بنية صافية وبمسؤولية كاملة، وبالتالي الانتقادات التي تحدث بين فترة وأخرى لا تهم في هذا الشأن». وأشار «الفيصل» إلى أن حكومتي الكويت والأردن قادرتان برجالاتهما على حل ما يظهر في الدولتين الشقيقتين من مشكلات داخلية. وأبدى «الفيصل»، في معرض رده على أسئلة وسائل الإعلام أمس خلال إيجازه الصحفي الدوري في مقر «الخارجية»، قناعته بأن الحس الوطني هو الضمان لاستقرار واستقلال الدول المجاورة. ورداً على سؤال حول قلق المملكة مما يجري من احتجاجات في الكويت والأردن، قال وزير الخارجية «أنا أعتقد، ومن دون التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول، أن الحس الوطني فيها هو الضمان لاستقرارها واستقلالها، والشعوب ستنال حقوقها». وعن الاحتجاجات في مصر بعد الإعلان الدستوري الأخير الصادر عن الرئيس محمد مرسي، شدد «الفيصل» على أن هذا شأن داخلي، وأوضح «لا نتدخل فيه، وأي إجابة على الأسئلة بهذا الخصوص تعدّ تدخلاً في الشأن الداخلي»، لافتاً النظر إلى أن الإخوة المصريين أدرى بما هي احتياجات بلدهم في هذه الفترة. في سياقٍ آخر، رأى «الفيصل» أن استضافة المملكة قمة التنمية العربية خلال الشهر المقبل تأتي في وقت دقيق وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، ولفت إلى أن التقلبات التي تحدث لاشك أنها تثير تساؤلات كثيرة. ورأى أن القمة لا يمكن إلا أن تكون قادرة على خدمة مصالح الدول العربية اقتصادياً وسياسياً وأمنياً. وأوضح «نحن نعمل بناءً على ميثاق الجامعة العربية الذي يجعلنا مسؤولين تجاه بعضنا بعضاً، ولا أشك أن هذه القمة ستسعى إلى المؤازرة وستكون مفيدة في حل القضايا وخدمة المصالح المشتركة لهذه الدول في هذه الفترة بالذات، التي نواجه فيها تحديات كبيرة مستقبلية، فنحن نجابه مشكلات داخلية وأمامنا العالم يتطور بشكل مذهل علماً واقتصاداً، بالتالي على القمة أن تدرس هذا الملف بالدقة الواجبة، وأن تسخّر الإمكانات التي تستطيعها للنهوض بعالمنا العربي من كبوته التي يعاني منها الآن». اليمن يحتاج إلى الحوار الوطني أكثر من أي وقت قال وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، إنه يتابع باهتمام الجهود القائمة لعقد المؤتمر الوطني للحوار الشامل في اليمن، ودعا الأشقاء اليمنيين بفئاتهم وأطيافهم كافة إلى الاستجابة لجهود الحكومة اليمنية والانخراط في هذا الحوار المهم. وشدد على حاجة اليمن اليوم إلى الحوار أكثر من أي وقت مضى، استكمالاً لتنفيذ نصوص اتفاقية المبادرة الخليجية، وللحفاظ على الوحدة الوطنية والإقليمية، وتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار. وعن الخطوة التي ستتخذها المملكة بخصوص استمرار معاناة شعب الروهينجيا المسلم في ميانمار «بورما»، أكد «الفيصل»: «نحن نسعى إلى أن يتعامل مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية مع الموضوع على حسب مسؤوليات الجهتين». وتابع «هناك مذبحة وتصفية جسدية تحصل في ميانمار، ولا يجوز للجهاز القانوني في محكمة العدل الدولية أن يبقى متفرجاً، ولا يجوز لمجلس الأمن كذلك فيما المذبحة مستمرة، نحن سننسق مع إخواننا في الدول الإسلامية حول كيفية معالجة هذا الموضوع بواسطة الحكومة الميانمارية ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية». مركز الحوار بصيص نور وسط أزمات متلاحقة وصف وزير الخارجية افتتاح مركز خادم الحرمين للحوار ب«بصيص نور وأمل»، وتمنى أن يصبح المركز منارة للسلام والوئام. وقال «في خضم الأزمات المتلاحقة التي تجتاح العالم، يبرز لنا بصيص نور وأمل يتمثل في افتتاح مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الديانات والثقافات في مدينة فيينا، وقد شرفت بالمشاركة في افتتاح المركز مع كل من وزيري خارجية النمسا وإسبانيا، وبمشاركة واسعة من قيادات الديانات والثقافات في العالم». وأوضح أنه يحدوه عظيم الأمل أن يصبح المركز منارة لترسيخ ثقافة الاحترام والتعايش بين الشعوب، ومعالجة الاختلافات فيما بينها، وفي ظل الغايات والأهداف التي أنشئ المركز من أجلها.