ذات يوم، شهدت في ساحة إحدى الجامعات موقف عصيب، تفاصيل ذلك الموقف لا تغيب عن ذهني إطلاقًا، لأن شعور الصدمة ما زال ينتابني منذ تلك اللحظة، فأذني توقفت عند حديث شاب مع صديقه تخلل ذلك الحديث تبادل المزاح والابتسامات بينهما، ولكن ما ذهلني أن الشاب كال لصديقه أقسى وأفظع أنواع الشتائم التي تجاوزت كل الحدود، تناولت بيته وعرضه، دون أدنى اهتمام سواء لحرمة المكان أو مشاعر الناس، وما أدهشني أيضًا أن الابتسامة لم تفارق وجه صديقه- الطرف المسبوب- الذي تابع مزاحه وكأن شيئًا لم يحدث! بل وزاد في قهقهاته التي أجزم بأنها سمعت على بعد كيلومترات... يبدو أن هناك اعتقاد سائد بين هؤلاء الشبان بالخلط بين خفة الدم وقلة الأدب! وللأسف أصبحت تلك الألفاظ البذيئة والنابية التي نسمعها في الشوارع- والتي بالمناسبة لا تدل على خفة الدم وإنما على انحطاط قائلها- الكلام المتداول بين الشباب في أحاديثهم! والحقيقة أن هذا سيناريو الموقف يتكرر باختلاف الشخوص والأمكنة، ولم يتوقف الأمر عند سب وشتم ولعن وقذف الأشخاص فقط، بل وصل في أحيان أخرى إلى سب ما هو أعظم من ذلك! ويبدو أن هذه النعوت دليل على عمق الصداقة والمحبة! ولم أعد أعتقد أن ذلك بداية شجار أو عداوة بين شخص وغريمه! بحثت في الأسباب والعوامل، وتوصلت إلى قاعدة مفادها: (كل إناء بالذي فيه ينضح)، أي أن هناك أناس تربوا على هذا الفعل منذ نعومة أظفارهم، مع أن ذلك ليس من شيمنا وعاداتنا وتقاليدنا كعرب ومسلمين. حاولت كثيرًا تبرير موقف ذلك الشاب، واختلقت له الأسباب والدوافع، لكن مهما كانت الأعذار، يبقى الجرم جرمًا، سواء أطال الزمان أم قصر.. لا أدري هل أصبحت هذه المفردات جزء من حياتنا اليومية أم أن ذلك من متطلبات العصر! ويبدو أيضًا أن هناك تفننًا في توجيه هذه الألفاظ للآخرين! وتبادل النكات حولها كذلك.. والتي تعكس إلى أي مستوى انحدر مستوانا الفكري والثقافي. وعلمت أن القوانين في بلادنا تعاقب على هذه الألفاظ والشتائم التي تخدش الحياء العام بالسجن والتغريم، مع أنني أرى بأن ذلك لا يكفي! والتجاهل والاستنكار والتنديد بها لا يكفي أيضًا! وللأسف أن هذا السلوك انتشر كالنار في الهشيم، ولم تعد تقتصر على الرجال فقط، حتى أننا أصبحنا نسمع هذه الألفاظ الرديئة حتى في المدارس.. واحتدت لتطال البيوت أيضًا!! بدليل أن الطفل عندما يعلمه أهله الكلام يقولون له ابصق على فلان وسب فلان! وهناك عدد من التلفزيونات العربية التي تستضيف أشخاصًا وينتظرون منهم الخروج عن النص وتوجيه الشتائم للآخرين! حتى الأفلام الأجنبية المترجمة ترسخ هذه الثقافة والتي يكاد لا يخلو فيلمًا من هذه الألفاظ! خلاصة القول، هذه الشتائم لن تمر مرور الكرام بعد الآن، لأن ذلك بصراحة: أمر مخجل حقًا.. بقلم/ أحمد عادل أحمد محمد صحيفة نجران نيوز الالكترونية