الباحة الفاتنة ومصائفنا الجنوبية بشكل عام، لا أدري لماذا تأسست فكرة أن لا نطرقها إلا صيفا؟!، وكأنها ليست إلا ملاذا آمنا من السموم، ومفرا من لهيب القيظ، نعتبرها مجرد شجرة وارفة الظلال نستظل بظلالها قليلاً ثم نرتحل، كم أشعر بالحسرة أن تفقد هذه المناطق ميزتها الشتوية والربيعية، التي تزدهي فيها بأجمل الحلل وأبهى المناظر. الباحة في هذه الأيام يداعبها الضباب ويتوغل في جبالها وتلالها ووديانها، يتغشاها فيغطيها من خصلات شعرها إلى أخمص قدميها، وينقشع عنها وقد غسل جبينها وخديها فبدت مفاتنها كوردة ندية يداعبها الندى. كم تذكرني الباحة بمقاهيها الجميلة ومراودة الغيم والمطر لها في كل ساعات النهار والليل بسويسرا الفاتنة صيفاً، كم أجد فيها مدينة لم تُسَوَّق شتاءً ولم تهيأْ للسياحة سوى أن تكون مقيلاً من ذات سموم. أخيراً، أهمس همسة لمن يريد أن يعيد ذكرى زيارة بلد أوروبي صيفاً، أو يتمتع بالوجه الجميل للشتاء أن يأتي للباحة شتاءً، ويقضي بضعة أيام، وألا تفوته بهجة الربيع، وعرس كسوة الزنابق لأشجار اللوز، ونسائم الضباب برائحة الصنوبر البري. وأهمس في أذن المسؤولين بالباحة همسة أخرى: اعتنوا بالباحة شتاءً وربيعاً فهي ستبدو أجمل وأروع، وتذكروا أنها عروس الضباب، وابنة المطر.