أحمد دماس مذكور تعددت أنواع الفساد، واختلفت أساليبه، واتسعت رقعته، وشاع بين ضعاف النفوس الذين احترفوا سرقة أحلام جيل كامل بكافة فئاته العمرية، بل سرقة مجد وكرامة أمة بكاملها، إنهم لصوص الظلام الذين وإن تعددت أنواعهم، واختلفت أساليبهم لكنهم يتصفون بمميزات مشتركة. دعوني أتلُ عليكم بعض ما يميزهم، فهم يمتلكون أيادي خفية، ووجوها كهرومائية بأجساد شيطانية معتمة ذات بطون كبيرة ونتنة، تختزلها أرواح المردة، الذين اختصرتهم بمسمى الأرواح الشريرة. إن الذين يسرقون أموال مشروعات تنموية وخدمية تنفع الناس، وترفع مستويات العيش الكريم، وتساهم في أمن بلدهم وراحة أبنائه، ورغد عيشهم، وصحتهم، وتعليمهم بشكل أفضل بما يواكب تطلعاتهم، وتطلعات حكومتهم، ويساهم حتما في رفعة وحضارة ومجد الوطن، لا يسرقون تلك الأموال فحسب، ولكنهم يسرقون المنفعة التي ستعود على الشعب من تلك المشروعات. مَن يسرق أموال مشروع بناء مدرسة أو منشأة تعليمية، أو يختزل منها أو يحد منها، هو لا يسرق مالا فحسب، وإنما يسرق أحلام طفل، وثقافة جيل، وجهد أب، وفرحة أم كان ابنها سيصبح يوما طبيبا أو مهندسا أو عالما، يخدم أهله ووطنه. ومَن يختلس أموال مشروع بناء مستشفى أو صرح صحي أو يحد من منفعته، لا يختلس تلك الأموال من ذلك المشروع فحسب، وإنما يختلس عافية شعب، وصحة طفل، وقوة شاب يتوق لأن يبني وطنه. ومَن يحتال على أموال مشروع توفير حديقة عامة، ومتنزهات ترويحية وترفيهية للأطفال والعائلات، لا يحتال على تلك الأموال فحسب، وإنما يحتال على أطفال عزّلٍ، ويسرق ضحكاتهم من بين شفاهم، ويغتصب جمال طفولتهم من أحضان أمهاتهم، وفي حرم وطنهم، ويقتل فرحتهم، ويسلبهم السعادة التي هي حق مشروع لكل طفل. ومَن يختلس أموال تشييد مبانٍ ومنشآت حكومية خدمية ووطنية، لا يختلس أموالا فحسب، وإنما يسرق حضارة وطن، وأحلام شعب. إن الذين يختلسون أموال الدولة، ويسرقون مخصصات مشروعاتها، أو يحدون منها، أو يختزلونها، هم يسرقون أنفسهم، وأهلهم وذويهم، وبلدهم، ويتسببون في انحطاط وطنهم، ويقضون على حياة شعبه، علاوة على غضب مَن سيحاسبهم على ذلك في الدنيا والآخرة، فهو يمهل ولا يهمل، لذلك أكتبُ لهم لعلهم يعون ما سيترتب على فسادهم من مرارة العيش لشعب كامل يُفترض أن يكون أكثر الشعوب المتنعمة برغد العيش، والمتمتعة بحياة أفضل، فقد تسبب فسادهم في تغيير طعم قطعة السكر إلى مر.