أعادت القوى المدنية في مصر ميدان التحرير أمس الثلاثاء إلى مربع الثورة مجددا بعدما احتشد مئات الآلاف من أنصارها لمطالبة الرئيس المصري بإلغاء الإعلان الدستوري الذي أصدره الخميس الماضي، لكن شيئاً سياسياً لم يتغير في مصر. وصبَّت مسيرات ضخمة من ميادين مختلفة في التحرير، قلب الثورة التي أطاحت بمبارك قبل عامين، كما انضم نحو خمسة آلاف محامٍ في مسيرة من مقر النقابة إلى ميدان التحرير. كما خرجت تظاهرات ضد الرئيس في الاسكندرية والسويس والمنصورة وشهدت هتافات ضده وضد جماعة الإخوان. وهتف المتظاهرون «الشعب يريد إسقاط النظام» و «ارحل.. ارحل» و»عيش حرية»، وهي الهتافات التي سبق ورددها الآلاف ضد الرئيس المصري السابق حسني مبارك قبل 22 شهرا، كما دعوا إلى إسقاط اللجنة التأسيسية للدستور. وتعد تظاهرات الثلاثاء أكبر تظاهرات للقوى المدنية منذ الثورة، حيث اقتصرت التظاهرات الحاشدة منذ ذلك الوقت على القوى الإسلامية التي ألغت بشكل مفاجئ، وفي وقت متأخر من مساء الإثنين، تظاهرات مؤيدة لقرارات الرئيس مرسي لتجنب أي اشتباك مع القوى المدنية. وذكر عضو في جماعة الإخوان المسلمين، فضل عدم ذكر اسمه، أنه لم يكن كل إخوان المحافظات سيحضرون إلى القاهرة للتظاهر وأن الأمر كان مقصورا على إخوان القاهرة والجيزة، وأضاف، ل «الشرق»، «أعتقد أن السبب وراء إلغاء التظاهرة كان عدم الرغبة في خروجها بشكل ضعيف». من جانبه، قال الشاعر المصري أحمد فواد نجم ل «الشرق» إن القوى المدنية أثبتت اليوم أنها تمثل مصر وقادرة على إثبات نفسها في الشارع. واحتشد آلاف المحامين في مقر نقابتهم ظهر الثلاثاء قبل التوجه في مسيرة ضخمة إلى التحرير، وهتف المحامون «إعلان دستوري باطل» و»حرية حرية»، كما هتفوا «إيد واحدة» أمام مقر نادي القضاة للإشارة إلى تضامنهم مع القضاة في مواجهتهم مع الرئيس. وقالت مصادر قضائية ل «الشرق» إن العمل بالمحاكم توقف تماما باستثناء الأمور العاجلة لضمان عدم تعطيل مصالح المواطنين. وقرر نادي القضاة الثلاثاء بدء اعتصام مفتوح للقضاة داخل مقره على مقربة من ميدان التحرير احتجاجا على الإعلان الدستوري، وقال رئيس محكمة استئناف في القاهرة، القاضي بدر السبكي، ل «الشرق»: «نحن معتصمون حتي إسقاط الإعلان الدستوري»، وتابع «التجربة تقول إن الأمر سيكون صعبا لكننا عند موقفنا». بدوره، أكد عضو مجلس إدارة نادي القضاة، المستشار شادي خليفة، أنه «لو لم تتم الاستجابة لمطالبنا سيكون هناك خطوات تصعيدية». وفي التحرير، استمر اعتصام القوى السياسية في الميدان لليوم الرابع على التوالي وزاد عدد الخيام المنصوبة، وقال أحمد عزت من حزب الكرامة «مرسي أصبح رئيساً غير شرعي، مبارك نفسه لم يفعل ما فعله». وشهد صباح الثلاثاء اشتباكات حادة بين متظاهرين وقوات الأمن في محيط السفارة الأمريكية، وألقت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين ألقوا الحجارة على الجنود. وأُعلِنَ الإثنين عن وفاة متظاهر إكلينيكيا بجروح أصيب بها قبل يومين ليصبح القتيل الثالث الذي يسقط منذ إصدار الإعلان الدستوري ضمنهم شاب أصيب في اشتباكات بشارع محمد محمود. وكان الرئيس المصري محمد مرسي أصدر إعلانا دستوريا الخميس أعطاه سلطات مطلقة بعدما حصَّن قراراته والجمعية التأسيسية للدستور ومجلس الشوري الذي يسيطر عليه التيار الإسلامي في مصر، وهو ما اعترضت عليه القوى المدنية واعتبرت مرسي بعده «فرعوناً».