واصل معارضو الاعلان الدستوري الذي اصدره الرئيس المصري محمد مرسي من انصار القوى المدنية اعتصامهم السبت في ميدان التحرير لليوم الثاني على التوالي، فيما اندلعت اشتباكات في محيط دار القضاء العالي حيث اعلن القضاة التوقف عن العمل ردا على قرارات مرسي. كما تواصلت الاشتباكات في شارع محمد محمود لليوم السادس على التوالي. وحاول مجهولون، اقتحام دار القضاء العالي لكن عناصر من الشرطة ومعارضين للرئيس المصري تصدوا لهم ومنعوهم من اقتحام المبنى الذي كان يجتمع فيه نحو ثلاثة الاف قاض. وشهدت المنطقة عمليات كر وفر بين الشرطة والمهاجمين. من جانبها، دعت جماعة الاخوان المسلمين السبت انصارها وكل القوى الوطنية والثورية والإسلامية الى التظاهر والوقوف الأحد في ميادين كل عواصم المحافظات عقب صلاة المغرب لتاييد قرارات مرسى، كما دعتهم جميعا إلى مليونية في ميدان عابدين يوم الثلاثاء القادم لنفس الهدف. وكانت القوى المدنية اعلنت الجمعة نيتها تنظيم تظاهرة حاشدة في ميدان التحرير الثلاثاء ايضا، وهو ما قد يضع انصار الطرفين في مواجهة جديدة كتلك التي دارت رحاها في ميدان التحرير في الثاني عشر من تشرين الاول/اكتوبر الماضي واسفرت عن اصابة العشرات. واعلن قضاة مصر مساء السبت التوقف عن العمل في كافة انحاء مصر احتجاجا على الاعلان الدستوري للرئيس المصري. وقال احد القضاة لوكالة فرانس برس في اعقاب اجتماع للجمعية العامة لنادي قضاة مصر ان القضاة "اوصوا بتعليق العمل في كافة محاكم ونيابات مصر". وكان نادي قضاة الاسكندرية اعلن السبت تعليق العمل بجميع المحاكم والنيابات في ثاني اكبر المدن المصرية، احتجاجا على اعلان مرسي الدستوري. وقال المستشار محمد عزت عجوة، رئيس نادي قضاة الاسكندرية بعد اجتماع مغلق عقد صباح السبت ان "القضاة لن يرضوا باقل من الغاء هذا الاعلان لما سيتسبب فيه من اهدار للسلطة القضائية، والقضاء على مبدأ الفصل بين السلطات". كما جاء في بيان اصدره مجلس القضاء الاعلى، وهو اعلى سلطة قضائية في مصر، عقب اجتماع طارىء عقده صباح السبت في القاهرة ان "المجلس هو المعني بكافة شؤون القضاء والقضاة" مبديا "اسفه" لصدور هذا الاعلان. وطالب المجلس مرسي ب"البعد بهذا الاعلان عن كل ما يمس السلطة القضائية واختصاصاتها او التدخل في شؤون اعضائها او ينال من جلال احكامها". وجاء موقف القضاة وسط اجواء توتر على الارض بين المعارضين لمرسي من جهة وقوات الامن والمؤيدين له من جهة ثانية. فقد استخدمت الشرطة منذ صباح السبت الغاز المسيل للدموع بشكل كثيف في محاولة لفض اعتصام ميدان التحرير. وسقطت قنابل الغاز في قلب الميدان ما ادى الى انسحاب عشرات المتظاهرين منه. وقال المتحدث باسم وزارة الصحة المصرية الدكتور محمد عمرو ان 227 شخصا اصيبوا في اشتباكات الجمعة في انحاء البلاد منهم 56 في ميدان التحرير. واعلنت وزارة الداخلية ضبط 259 من "مثيرى الشغب" في احداث القصر العيني ومحمد محمود حتى الآن من بينهم "13 محكوما عليه هارب و16 من ذوي السوابق الإجرامية". وقال محمد الجمل الذي ينتمي الى حركة 6 ابريل المعارضة وهو يهرول خارجا من ميدان التحرير بسبب الغاز الكثيف، لوكالة فرانس برس "لن نرحل الا بمحاكمات عادلة وفورية لقتلة المتظاهرين وحتى يتراجع مرسي عن الاعلان الدستوري الذي جعله فرعونا". واضاف الجمل الذي كسرت العدسة اليمنى لنظارته "الثورة الثانية ستندلع قريبا لاننا لن نرضى ان نبدل ديكتاتورا بديكتاتور اخر". لكن المهندس كريم الزعيم (27 عاما) قال ان "ثورة جديدة لن تنجح للاسف لان الناس لن تدعمها"، وتابع "المصريون فقدوا الامل في التغيير لان احوالهم ساءت ولم تتحسن في العامين الماضيين". وقال المونتير حسام المصري (25 عاما) ان "الشرطة تستخدم نفس اساليبها القديمة (...) نظام الاخوان لا يفرق كثيرا عن نظام مبارك". واصيب عشرات المعتصمين بالاختناق جراء الغازات التي غطت سحابة كبيرة منها معظم ارجاء المنطقة المحيطة بالتحرير. ونقل القائمون على المستشفى الميداني الى موقع ابعد عن مدخل شارع جانبي من التحرير بسبب رائحة الغاز. واستقبل مستشفى حكومي على مقربة من التحرير 32 اصابة في اشتباكات وقعت صباح السبت بينها خمس حالات لجرحى بطلقات نارية حالتهم حرجة، حسبما نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية السبت. واغلق المتظاهرون الميدان والشوارع الجانبية له امام حركة سير السيارات لليوم الثاني على التوالي. وفشل موظفون حكوميون في الوصول لمقر عملهم في مجمع المصالح في الميدان بسبب رائحة الغاز النفاذة. وكانت القوة السياسية المعارضة للرئيس المصري اعلنت مساء الجمعة دخولها في اعتصام في ميدان التحرير اعتراضا على قرارات مرسي الاخيرة التي وسعت من سلطاته وقوضت السلطة القضائية. ودعت القوى السياسية لتجمع حاشد في التحرير الثلاثاء. وتراصت نحو ثلاثين خيمة للمعتصمين في قلب الصينية الشهيرة للميدان كتب على كل منها اسماء الاحزاب التابعة لها. وكان مرسي اصدر الخميس اعلانا دستوريا الخميس حصن الاعلانات الدستورية والقوانين والقرارات الصادرة منه. وعزز سلطاته التنفيذية في الوقت الذي يحتفظ فيه اساسا بالسلطة التشريعية لغياب برلمان منتخب، وهو ما اعترضت عليه المعارضة معتبرة ان مرسي جعل نفسه "فرعون اله".