الفرد، وقت المحن، يلجأ إلى مَنْ ينقذه، ويبحث عن مظلة تحميه، ومعطف عن صقيع البرد يدفئه، أليس كذلك؟ كل فرد، على وجه المعمورة، لديه هويات صغرى، ولكنه يدرك أنه لا بد أن يكون له هوية كبرى، فوق كل تلك الهويات، يلجأ إليها في أحلك الظروف، وتكون له الملجأ والمأوى بعد الله. هل تظن أن من يجد قصراً مشيداً سيسكن بيتاً من صفيح؟ أبداً. إذن، الأمر، هنا، يتعلق بضرورة وجود مظلة كبرى، هوية شاملة، من خصائصها، أنها لكل أفراد المجتمع، يتساوى فيها الناس، قاصيهم ودانيهم، تحميها القوانين، وتحفظها من استحواذ البعض عليها، وإقصاء البعض الآخر عنها. البلدان التي تكثر فيها الهويات الصغرى، تكثر فيها الاضطرابات والفتن والقلاقل، وشواهدها موجودة، وما دفع الناس إلى خلق مثل تلك الهويات هو حاجتهم إلى حضن دافئ، يؤويهم في أوقات المحن، في ظل عدم وجود قوانين صارمة تحمي هويتهم الكبرى من عبث العابثين. لسنا، في هذا البلد، بمعزل عن الناس، ولسنا استثناء من البشر، إلاّ أننا رُزقنا بولاة أمر صالحين، قيّضهم الله لخدمة هذا الوطن، ومن فوقه هذا الدين العظيم، ولكننا بحاجة إلى تكريس ما يقوي هويتنا الكبرى، كما أننا، أيضاً، بحاجة إلى عدم السماح لكائن مَنْ كان، كما قال خادم الحرمين الشريفين، أن يفرِّق وحدتنا، ويعبث بهويتنا الكبرى! لم يعد الوعظ يجدي مع ازدياد المخالفات، خصوصاً مع توفر منابر التواصل الاجتماعي، والتي اُستخدمت في تطاول الناس على بعضهم، مما يجعل الحاجة، إلى قوانين جديدة، تحمي الناس من بعضهم البعض، مطلباً لا يحتمل التأجيل، كي نحمي هويتنا الكبرى!