محمد بن عبدالرحمن يقدم التعازي للحميدان و بن حشر و بن نوح    أمير الجوف يشيد بدور "حقوق الإنسان"    برعاية الأمير فيصل بن خالد.. إطلاق جائزة الملك خالد لعام 2025    "محمية الملك عبدالعزيز الملكية" تنضم إلى القائمة الخضراء الدولية    تواصل ارتفاع إجمالي الطلب العالمي للشحن الجوي للشهر 16 على التوالي    15 ممكناً للمنشآت الأعضاء في برنامج «المشغل الاقتصادي السعودي المعتمد»    الذهب ينخفض مع توترات أسعار «الفائدة».. والأسهم تتراجع    ترشيد الإنفاق الأسري    تعزيز الابتكار واستكشاف الفرص الواعدة في قطاع التعدين    %16 ارتفاع حجم التمويل لمستفيدي الدعم السكني في 2024    الطائرة الإغاثية السعودية العاشرة في دمشق    «اجتماعات الرياض» تبحث إعادة بناء سوريا وتحقيق أمنها    ميزة لإدارة الرسوم المتحركة بمحادثات «واتساب»    700 ألف إسترليني لتحرير غوريلا مسجونة    ولي العهد يتلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس جمهورية البرازيل الاتحادية    ولي العهد ورئيس وزراء اليونان يترأسان «مجلس الشراكة» ويبحثان المستجدات    الهلال يغري نونيز نجم ليفربول براتب ضخم    بعد انقضاء 16 جولة من دوري" يلو".. نيوم في الصدارة.. والعدالة يواصل المطاردة    " الضوضاء الإعلامية وحارس الفيحاء"    "عدنان حمد" يقود أول حصة تدريبية للعروبة .. والسومة يشارك في التدريبات    إقامة ملتقى إضاءة عسير للأشخاص ذوي الإعاقة    «الشورى» يناقش تعديل نظام رعاية الموهوبين    حسام بن سعود: المحاكم لها دور في إرساء مبادئ العدل والشفافية    مقترح للدراسة في رمضان    "الشورى" يناقش مقترح نظام رعاية الموهوبين    تطلق وزارة الثقافة مسابقة "عدسة وحرفة" احتفاءً بعام الحرف اليدوية2025    قرية "إرث".. تجربة تراثية    تشوه المعرفة    بمشاركة عربية واسعة.. «إثراء» يطلق النسخة الرابعة من ماراثون «أقرأ»    لا ناقة لي ولا جمل    نزيف ما بعد سن انقطاع الطمث    تناول الحليب يومياً يقي من سرطان القولون    النوم في الظلام.. يقلل مخاطر الاكتئاب    العراق وترمب.. لا منطقة رمادية    من إدلب إلى دمشق!    إدارة الإطفاء في لوس أنجليس: ما زال خطر الحرائق قائمًا    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان أثناء استقبال محافظ الداير له " على عاتقنا مسؤولية الوقوف كدرع منيع لحماية هذا الوطن "    تركي آل الشيخ وطريق النجاح    انطلاق دوري الفرسان التطويري بمشاركة 36 فريقاً    أرقام «الإحصاء».. والدوسري.. وصناعة المُستقبل    هل أطفالنا على المسار الصحيح ؟!    تحديث وإنجاز    اختبار أخير لجوميز الأهلي    دول أوروبية تدعو لتخفيف العقوبات على سورية وإبقائها على الأسد    «الشعر في عسير».. قصائد تحولت صوراً فوتوغرافية    حارسة المسرح    "سعود الطبية" تُنقذ 600 مريض يعانون من النزف الهضمي في 2024    هيئة الهلال الاحمر السعودي بنجران تتلقى 12963 بلاغاً خلال عام 2024    فيصل بن مشعل يزور محافظة أبانات ويلتقي الأهالي    ختام مؤتمر مبادرة رابطة العالم الإسلامي لتعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير إدارة المساجد بالمحافظة    «سهيل والجدي» ودلالات «الثريا» في أمسية وكالة الفضاء    مواد إغاثية سعودية للمتضررين في اللاذقية    المسجد النبوي يحتضن 5.5 ملايين مصل    أمير القصيم يرعى المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي    هل نجاح المرأة مالياً يزعج الزوج ؟!    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة الأميرة فهدة بنت فهد بن خالد آل سعود    مباحثات دفاعية سعودية - أميركية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هواجس وطنية (1 - 2)
نشر في الشرق يوم 23 - 11 - 2012

يظل هاجس العيش المشترك في ظل مُناخ وحدوي ووطني ينعم فيه الجميع بالأمن والأمان والعدل والمساواة هو هاجس المجتمع بكامل تنوعه الفكري والمذهبي، بل هو أُمنية كل مواطن ومواطنة، وأبناء المملكة -ولله الحمد- لهم تجربة متميزة في التعايش المشترك الذي يحفظ لكل فرد حقه، فالكل سواسية لا تمايز ولا تفاضل، خصوصاً المناطق التي يوجد فيها تنوع مذهبي فتجدهم يُقدَّرونَ قيمة التعايش السلمي فيما بينهم ويعملون على استمراره والمحافظة عليه بكل قوة، ومحافظة الأحساء هي أنموذج حي وواقعي لنا في هذا التعايش السلمي لما تحتضنه من تنوع مذهبي وعقدي.
إن التنوع والاختلاف المذهبي والفقهي ليس بحالة جديدة أو طارئة علينا فلقد تعايشت المذاهب والمدارس الفقهية عبر تاريخنا الإسلامي، ولعبت دوراً مهماً في مواجهة الغزو الذي تعرضت له الدولة الإسلامية وخصوصاً في العصر الأموي والعباسي وكذلك في بعض العصور المتأخرة.
في بلادنا كان التنوع المذهبي موجوداً حتى قبل مرحلة التوحيد والتأسيس، ويشهد التاريخ بأن الملك عبدالعزيز أثناء تأسيسه للدولة كرّس مفاهيم التعايش الحقيقية، وجسّد أنمُوذجاً لها من خلال التعامل الصادق والواضح مع رموز تلك المذاهب؛ مما جعلهم ينضوون تحت لواء هذه الدولة ويأمنون وينعمون بالعيش المشترك مع أغلب فئات المواطنين منذ ذلك الحين وإلى وقتنا الحاضر.
لقد قامت وحدتنا الوطنية على مجموعة من الأسس الدينية والاجتماعية والتاريخية والجغرافية، ومؤسس هذه البلاد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- كان حريصاً على تحقيق الاندماج الاجتماعي للمجتمع السعودي في إطار الوحدة الوطنية الصادقة التي مرتكزها الإسلام الجامع لكل المواطنين، وقد سار أبناؤه الملوك من بعده على هذا النهج الذي رسمه لهم والدهم المؤسس طيب الله ثراه.
ومن مقومات هذه الوحدة نشر الشعور بالانتماء العميق إلى هذا النسيج الاجتماعي الواحد، ونبذ العنف والخلاف والفرقة، وإشاعة روح التسامح والترابط بين أبناء هذا الوطن والمصير المشترك، ولمقومات الوحدة الوطنية أبعاد رئيسة هي:
البعد الديني: يُعد هذا البعد هو أساس قيام هذه الدولة المباركة؛ حيث شرّفها الله بخدمة الحرمين الشريفين، والإشراف المباشر على الحجاج والمعتمرين طوال العام؛ مما أعطى ذلك للمملكة خصوصية واضحة من الناحية الدينية، وأصبح هذا البناء مصدراً لوحدتنا الوطنية، من خلال المحافظة على ثوابتنا الشرعية وعدم المساس بها. وهنا يأتي مفهوم وسطية الإسلام وتعدديته الفكرية وتنوعه الفقهي القائم على حق الاختلاف والاجتهاد المنضبط بالقواعد الكلية للشريعة الإسلامية.
ويأتي البعد الاجتماعي كأحد مقومات الوحدة الوطنية أيضاً، ونخص بذلك الأسرة؛ لأنها تمثل اللبنة الأولى للمجتمع، ولأنها عماد الدولة وعنوانها في التقدم والازدهار والرقي، فالأسرة يقع عليها العبء الأكبر في إعداد جيل واعٍ متفهم يحترم الآخرين، ويحمل روح التعاون والجماعة، وينبذ الإقصاء والتطرف، ويتخذ من الوسطية والاعتدال شعاراً له في تعاملاته وحواراته مع الآخرين.
أما البعد التربوي فأهميته كبيرة؛ لأن المدرسة أولاً ثم المؤسسات التعليمية والثقافية تعاضد دور الأسرة في صياغة شخصية الفرد الفكرية، ولها أهمية ودور كبير في تحصين أجيالنا من الأفكار الهدّامة التي قد تشكل عائقاً لنا أو قد تكون حجر عثرة أمام تلاحمنا ووحدتنا، فإذا استطعنا المحافظة على أبنائنا وعلى أفكارهم فإننا سوف نرى جيلاً واعياً متفهماً يحب وطنه ويقدم روحه رخيصة من أجله، والواجب على مدارسنا وجامعاتنا تعزيز مفهوم الوطنية وترسيخها في نفوس أبنائنا وبناتنا منذ الصغر، وغرس حب الوطن في نفوسهم حتى يصبحوا أعضاء فاعلين في خدمة وطنهم ومليكهم، من خلال الممارسة وليس من خلال التلقين.
البعد الفكري وهذا البعد يُعد من أهم مقومات الوحدة الوطنية، والمقصود به هو: تأطير الحراك الفكري بقاعدة «الحوار»؛ لأن الحوار مطلب ضروري يجب أن نتمثله سلوكاً عملياً في حياتنا اليومية داخل أُسرنا وفي مدارسنا وفي أسواقنا ومساجدنا وأثناء تعاملنا مع الناس ومع المخالفين لنا في الفكر والرأي، وأن تكون هناك مشاركة مجتمعية لجميع فئات المجتمع بمختلف تنوعه الفكري والمذهبي في مناقشة القضايا التي تهم الوطن، وأن يكون ذلك بكل شفافية ومصداقية بعيداً عن التعصب والإقصاء والخلاف.
ولا شك أن هذه الأبعاد وغيرها لو أخذ بها الجيل الجديد فإنه سوف ينعم بوحدة وطنية قوية شعارها العدل والمساواة بين أبناء المجتمع كافة، وهي التي سوف تساهم في ازدهار الدولة، ونموها كونها قامت على أساس متين، ومتى ما كانت متصلة بعضها ببعض ومتماسكة كان نسيجنا الوطني متصلاً ومقاوماً لكل الظروف والعوامل التي قد تفككه وتشتت جهوده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.