تحولت صلاة عيد الأضحى في كافة المدن المصرية إلى ساحات للصراع بين القوى السياسية التي لم تلتزم بهدنة خلال العطلة. واشتعل الصراع بين القوى الإسلامية نفسها على تنظيم أكبر عدد ممكن من ساحات الصلاة، وتوجيه المصلين عبر خطباء محسوبين عليها. لكن أبرز أحداث صلاة العيد أمس في مصر كانت قيام جماعة الإخوان المسلمين بتنظيم الصلاة في ساحة قصر عابدين وسط القاهرة بعد 32 عاما من إغلاقها. واللافت، أن التنافس السياسي البارز، واستخدام الخطب لأغراض سياسية متعلقة بالدستور الجديد كان حاضرا بكثافة في الصلاة رغم تحذيرات وزارة الأوقاف للخطباء من فعل ذلك. وحذرت وزارة الأوقاف يوم الخميس من استخدام المساجد وساحات الصلاة أثناء العيد في الدعاية السياسية، ودعت الخطباء إلى الاقتصار على دعوة المواطنين إلى المشاركة السياسية دون إبداء رأي معين. ورغم أن جماعة الإخوان المسلمين أكدت مرارا أن الجماعة وذراعها السياسي حزب الحرية والعدالة كيانان منفصلان، إلا أن لافتات تهنئة العيد جاءت بصيغة عكس ذلك، قائلة “جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة يهنئون الأمة الإسلامية بعيد الأضحى ويدعونكم إلى صلاة العيد”. ونظمت الجماعة وذراعها السياسي الصلاة في ساحة قصر عابدين، وذلك للمرة الأولى منذ نحو 32 عاما، وكانت ساحة قصر عابدين قد أُغلِقَت أمام صلاة العيد منذ سنة 1980. واحتكر أعضاء الجماعة الساحة، حيث وزعوا منشوراتهم، وعلقوا لافتاتهم الداعمة لهم ما استفز عددا كبيرا من المصلين. وقال محمد مصطفى (31 عاما) “ما فعله الإخوان المسلمون في صلاة العيد أكد لي أن مَن يعتقد أنه يمكن إزالتهم من قمة السلطة عبر الانتخابات واهم”، متابعا “عندما تسمح السلطات للإخوان المسلمين والسلفيين بالسيطرة على المنابر بهذا الشكل علينا أن ندرك أن الأخونة وصلت إلى المساجد”. وأضاف مصطفى، الذي رفض أن تأخذ صغيرته سلوى لعبةً كهديةٍ من الجماعة: “عندما هتفنا وقت الثورة “عيش حرية عدالة اجتماعية” لم نكن نعلم أن ما سيبقى من هذا الشعار هو “الحرية والعدالة” فقط، في إشارة منه إلى حزب الجماعة. وفي ضاحية المقطم جنوبالقاهرة، التي تحتضن المقر الرئيسي للإخوان، نظمت الجماعة ساحة كبيرة للصلاة، وعلقت لافتات داعمة لحزبها، وداعية إلى التصويت بنعم على الدستور. فيما شهدت مساجد أخرى تنافسا محموما بين القوى السياسية على توزيع منشوراتها، وتعليق لافتاتها، وقام خطباء بالدعاية للتيارات الدينية المختلفة وفقا لانتماءاتهم، كما قام آخرون بالدعاية لموقفهم من مسودة الدستور سواء بتوجيه المصلين للتصويت بنعم أو لا. وشهدت الصلاة في الأزهر الشريف وجود عدد كبير من أعضاء الأحزاب والقوى السياسية المختلفة، وجاء في مقدمتها حزبا الحرية والعدالة والدستور، الذي وزع أعضاؤه منشورات للتعريف بالحزب، كما دعا أعضاءٌ من التيار الشعبي إلى عدم الموافقة على مسودة الدستور الجديد. وقال محمود محمود، 27 عاما، مهندس: “ما يحدث عبثٌ، ولا يجوز استخدام مناسبة دينية بهذا الشكل الرخيص لأغراض سياسية”. لكن محمد زين، 32 عاما، مصمم جرافيك، قال: “نغمة الاستغلال الديني لم تعد مقبولة فالكل يقوم بنفس الفعل”، وتابع “ما يثير القوى المدنية هو عدم امتلاكها نفس الإمكانات للحشد والتنظيم”. وتنافست الأحزاب على تقديم هدايا للأطفال وذويهم، حيث أقام أنصار حزب الدستور عروض عرائس للأطفال، ووزعوا منشورات دعائية للحزب، وكذلك وزع أعضاء الحزب المصري الديمقراطي قمصانا عليها شعار الحزب. وفي السياق ذاته، هاجم عددٌ من المتظاهرين في التحرير أمس الشيخ مظهر شاهين، المعروف إعلاميا ب “إمام الثورة”، وطردوه من الميدان، متهمين إياه بالخيانة والعمالة لصالح جماعة الإخوان المسلمين، وتغليب مصالحهم على مصالح الشعب والشهداء، وردد المتظاهرون هتافات “يسقط يسقط حكم المرشد”. شباب الحرية والعدالة ينظمون الصلاة في إحدى ساحات القاهرة (الشرق)